للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنْ كَانَ هِبَةً، فَالْهِبَةُ عِنْدَهُمْ لِبَعْضِ الْوَرَثَةِ دُونَ بَعْضٍ جَائِزَةٌ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَمَا جَاءَ قَطُّ فَرْقٌ بَيْنَ هِبَةِ مَرِيضٍ وَلَا هِبَةِ صَحِيحٍ.

وَإِنْ كَانَ وَصِيَّةً: فَوَصِيَّةُ الصَّحِيحِ، وَالْمَرِيضِ، سَوَاءٌ لَا تَجُوزُ إلَّا مِنْ الثُّلُثِ - فَظَهَرَ أَنَّ تَفْرِيقَهُمْ فَاسِدٌ.

فَإِنْ ذَكَرُوا حَدِيثَ عِتْقِ السِّتَّةِ الْأَعْبُدِ، وَإِقْرَاعُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَهُمْ، فَأَعْتَقَ اثْنَيْنِ وَأَرَقَّ أَرْبَعَةً، فَلَيْسَ هَذَا مِنْ الْإِقْرَارِ فِي شَيْءٍ أَصْلًا - وَالْإِقْرَارُ إنَّمَا هُوَ إخْبَارٌ بِحَقٍّ ذَكَرَهُ - وَلَيْسَ عَطِيَّةً أَصْلًا، وَلَا وَصِيَّةً - وَحَدِيثُ السِّتَّةِ الْأَعْبُدِ سَنَذْكُرُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي " الْعِتْقِ " بِإِسْنَادِهِ مُبَيَّنًا وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

[مَسْأَلَةٌ قَالَ هَذَا الشَّيْءُ كَانَ لِفُلَانٍ وَوَهَبَهُ لِي]

١٣٨١ - مَسْأَلَةٌ:

وَمَنْ قَالَ: هَذَا الشَّيْءُ - لِشَيْءٍ فِي يَدِهِ - كَانَ لِفُلَانٍ، وَوَهَبَهُ لِي، أَوْ قَالَ: بَاعَهُ مِنِّي -: صَدَقَ، وَلَمْ يُقْضَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ، لِمَا ذَكَرْنَا قَبْلُ، وَلِأَنَّ الْأَمْوَالَ، وَالْأَمْلَاكَ بِلَا شَكٍّ مُنْتَقِلَةٌ مِنْ يَدٍ إلَى يَدٍ: هَذَا أَمْرٌ نَعْلَمُهُ يَقِينًا.

فَلَوْ قُضِيَ عَلَيْهِ بِبَعْضِ إقْرَارِهِ هُنَا دُونَ سَائِرِهِ لَوَجَبَ إخْرَاجُ جَمِيعِ أَمْلَاك النَّاسِ عَنْ أَيْدِيهِمْ، أَوْ أَكْثَرِهَا؛ لِأَنَّك لَا تَشُكُّ فِي الدُّورِ، وَالْأَرَضِينَ، وَالثِّيَابِ الْمَجْلُوبَةِ وَالْعَبِيدِ، وَالدَّوَابِّ: أَنَّهَا كَانَتْ قَبْلُ مَنْ هِيَ بِيَدِهِ لِغَيْرِهِ بِلَا شَكٍّ، وَإِنْ أَمْكَنَ فِي بَعْضِ ذَلِكَ أَنْ يُنْتِجَهُ فَإِنَّ الْأُمَّ وَأُمَّ الْأُمِّ - بِلَا شَكٍّ - كَانَتْ لِغَيْرِهِ.

وَكَذَلِكَ الزَّرِيعَةُ مِمَّا بِيَدِهِ مِمَّا يَنْبُتُ - فَظَهَرَ فَسَادُ هَذَا الْقَوْلِ جُمْلَةً.

فَإِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ فِي شَيْءٍ مِمَّا بِيَدِهِ مِمَّا أَقَرَّ بِهِ، أَوْ مِمَّا لَمْ يُقِرَّ بِهِ: أَنَّهُ كَانَ لِغَيْرِهِ قَضَى بِهِ لِذَلِكَ الْغَيْرِ حِينَئِذٍ، وَلَمْ يُصَدَّقْ عَلَى انْتِقَالِ مَا قَامَتْ بِهِ الْبَيِّنَةُ لِإِنْسَانٍ بِعَيْنِهِ أَلْبَتَّةَ إلَّا بِبَيِّنَةٍ - وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، «وَقَدْ حَكَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَضَى بِالْبَيِّنَةِ لِلْمُدَّعِي»

[مَسْأَلَةٌ قَالَ لِفُلَانٍ عِنْدِي مِائَةُ دِينَارٍ دَيْنٌ وَلِي عِنْدَهُ مِائَةُ قَفِيزِ قَمْحٍ]

١٣٨٢ - مَسْأَلَةٌ:

وَمَنْ قَالَ: لِفُلَانٍ عِنْدِي مِائَةُ دِينَارٍ دَيْنٌ وَلِي عِنْدَهُ مِائَةُ قَفِيزِ قَمْحٍ، أَوْ قَالَ: إلَّا مِائَةَ قَفِيزِ تَمْرٍ، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، أَوْ إلَّا جَارِيَةً - وَلَا بَيِّنَةَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ وَلَا لَهُ - قُوِّمَ الْقَمْحُ الَّذِي ادَّعَاهُ، فَإِنْ سَاوَى الْمِائَةَ الدِّينَارَ الَّتِي أَقَرَّ بِهَا، أَوْ سَاوَى أَكْثَرَ: فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ - وَإِنْ سَاوَى أَقَلَّ: قُضِيَ بِالْفَضْلِ فَقَطْ لِلَّذِي أَقَرَّ لَهُ.

بُرْهَانُ ذَلِكَ -: أَنَّهُ لَمْ يُقِرَّ لَهُ قَطُّ إقْرَارًا تَامًّا، بَلْ وَصَلَهُ بِمَا أَبْطَلَ بِهِ أَوَّلَ كَلَامِهِ، فَلَمْ يَثْبُتْ لَهُ قَطُّ عَلَى نَفْسِهِ شَيْئًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>