للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَمَرَ لَهُ سَعْدٌ بِغُسْلٍ فَاغْتَسَلَ، ثُمَّ نَاوَلَهُ مِلْحَفَةً مَصْبُوغَةً بِزَعْفَرَانٍ أَوْ وَرْسٍ فَاشْتَمَلَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» .

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: هَذَا لَا يُضَادُّ الْأَوَّلَ، لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - اشْتَمَلَ فِيهَا فَصَارَتْ لِبَاسُهُ حِينَئِذٍ، وَقَالَ بِهَذَا بَعْضُ السَّلَفِ، كَمَا رُوِّينَا عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ: أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الْمِنْدِيلِ الْمُهَذَّبِ أَيَمْسَحُ بِهِ الرَّجُلُ الْمَاءَ؟ فَأَبَى أَنْ يُرَخِّصَ فِيهِ، وَقَالَ هُوَ شَيْءٌ أُحْدِثَ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ كُنْتُ أُرِيدُ أَنْ يُذْهِبَ عَنِّي الْمِنْدِيلُ بَرْدَ الْمَاءِ قَالَ فَلَا بَأْسَ بِهِ إذَنْ، وَلَمْ يَنْهَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَنْ ذَلِكَ فِي الْوُضُوءِ فَهُوَ مُبَاحٌ فِيهِ.

[مَسْأَلَةٌ المغتسل إذَا انْغَمِسْ فِي مَاءٍ]

١٩٧ - مَسْأَلَةٌ: وَكُلُّ غُسْلٍ ذَكَرْنَا فَلِلْمَرْءِ أَنْ يَبْدَأَ بِهِ مِنْ رِجْلَيْهِ أَوْ مِنْ أَيِّ أَعْضَائِهِ شَاءَ، حَاشَا غُسْلَ الْجُمُعَةِ وَالْجَنَابَةِ، فَلَا يُجْزِئُ فِيهِمَا إلَّا الْبُدَاءَةُ بِغَسْلِ الرَّأْسِ أَوَّلًا ثُمَّ الْجَسَدِ، فَإِنْ انْغَمَسَ فِي مَاءٍ فَعَلَيْهِ أَنْ يَنْوِيَ الْبُدَاءَةَ بِرَأْسِهِ ثُمَّ بِجَسَدِهِ وَلَا بُدَّ.

بُرْهَانُ ذَلِكَ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الَّذِي قَدْ ذَكَرْنَاهُ بِإِسْنَادِهِ «حَقٌّ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يَغْتَسِلَ فِي كُلِّ سَبْعَةِ أَيَّامٍ يَوْمًا، يَغْسِلُ رَأْسَهُ وَجَسَدَهُ» وَقَدْ صَحَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «ابْدَءُوا بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ» وَسَنَذْكُرُهُ فِي تَرْتِيبِ الْوُضُوءِ بِإِسْنَادِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

وَقَدْ بَدَأَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِالرَّأْسِ قَبْلَ الْجَسَدِ، وَقَالَ تَعَالَى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} [النجم: ٣] {إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: ٤] فَصَحَّ أَنَّ مَا ابْتَدَأَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي نُطْقِهِ فَعَنْ وَحْيٍ أَتَاهُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ تَعَالَى، فَاَللَّهُ تَعَالَى هُوَ الَّذِي بَدَأَ بِاَلَّذِي بَدَأَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

[مَسْأَلَةٌ صِفَةُ الْوُضُوءِ]

١٩٨ - مَسْأَلَةٌ: وَصِفَةُ الْوُضُوءِ أَنَّهُ إنْ كَانَ انْتَبَهَ مِنْ نَوْمٍ فَعَلَيْهِ أَنْ يَغْسِلَ يَدَيْهِ ثَلَاثًا كَمَا قَدْ ذَكَرْنَا قَبْلُ، وَأَنْ يَسْتَنْشِقَ وَأَنْ يَسْتَنْثِرَ ثَلَاثًا لِيَطْرُدَ الشَّيْطَانَ عَنْ خَيْشُومِهِ كَمَا قَدْ وَصَفْنَا، وَسَوَاءٌ تَبَاعَدَ مَا بَيْنَ نَوْمِهِ وَوُضُوئِهِ أَوْ لَمْ يَتَبَاعَدْ، فَإِنْ كَانَ قَدْ فَعَلَ كُلَّ ذَلِكَ فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَ ذَلِكَ الْوُضُوءَ مِنْ حَدَثِ غَيْرِ النَّوْمِ، فَلَوْ صَبَّ عَلَى يَدَيْهِ مِنْ إنَاءٍ دُونَ أَنْ يُدْخِلَ يَدَهُ فِيهِ لَزِمَهُ غُسْلُ يَدِهِ أَيْضًا ثَلَاثًا إنْ قَامَ مِنْ نَوْمِهِ، ثُمَّ نَخْتَارُ لَهُ أَنْ يَتَمَضْمَضَ ثَلَاثًا، وَلَيْسَتْ الْمَضْمَضَةُ فَرْضًا، وَإِنْ تَرَكَهَا فَوُضُوءُهُ تَامٌّ وَصَلَاتُهُ تَامَّةٌ، عَمْدًا تَرَكَهَا أَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>