للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نِسْيَانًا، ثُمَّ يَنْوِي وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ كَمَا قَدَّمْنَا، ثُمَّ يَضَعُ الْمَاءَ فِي أَنْفِهِ وَيَجْبِذُهُ بِنَفْسِهِ وَلَا بُدَّ، ثُمَّ يَنْثُرُهُ بِأَصَابِعِهِ وَلَا بُدَّ مَرَّةً فَإِنْ فَعَلَ الثَّانِيَةَ وَالثَّالِثَةَ فَحَسَنٌ، وَهُمَا فَرْضَانِ لَا يُجْزِئُ الْوُضُوءُ وَلَا الصَّلَاةُ دُونَهُمَا، لَا عَمْدًا وَلَا نِسْيَانًا، ثُمَّ يَغْسِلُ وَجْهَهُ مِنْ حَدِّ مَنَابِتِ الشَّعْرِ فِي أَعْلَى الْجَبْهَةِ إلَى أُصُولِ الْأُذُنَيْنِ مَعًا إلَى مُنْقَطِعِ الذَّقَنِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَغْسِلَ ذَلِكَ ثَلَاثًا أَوْ ثِنْتَيْنِ وَتُجْزِئُ مَرَّةً، لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَمَسَّ الْمَاءَ مَا انْحَدَرَ مِنْ لِحْيَتِهِ تَحْتَ ذَقَنِهِ، وَلَا أَنْ يُخَلِّلَ لِحْيَتَهُ، ثُمَّ يَغْسِلَ ذِرَاعَيْهِ مِنْ مُنْقَطَعِ الْأَظْفَارِ إلَى أَوَّلِ الْمَرَافِقِ مِمَّا يَلِي الذِّرَاعَيْنِ، فَإِنْ غَسَلَ ذَلِكَ ثَلَاثًا فَحَسَنٌ، وَمَرَّتَيْنِ حَسَنٌ، وَتُجْزِئُ مَرَّةً، وَلَا بُدَّ ضَرُورَةٌ مِنْ إيصَالِ الْمَاءِ بِيَقِينٍ إلَى مَا تَحْتَ الْخَاتَمِ بِتَحْرِيكِهِ عَنْ مَكَانِهِ، ثُمَّ يَمْسَحُ رَأْسَهُ كَيْفَمَا مَسَحَهُ أَجْزَأَهُ، وَأَحَبُّ إلَيْنَا أَنْ يَعُمَّ رَأْسَهُ بِالْمَسْحِ، فَكَيْفَمَا مَسَحَهُ بِيَدَيْهِ أَوْ بِيَدٍ وَاحِدَةٍ أَوْ بِأُصْبُعٍ وَاحِدَةٍ أَجْزَأَهُ.

فَلَوْ مَسَحَ بَعْضَ رَأْسِهِ أَجْزَأَهُ وَإِنْ قَلَّ، وَنَسْتَحِبُّ أَنْ يَمْسَحَ رَأْسَهُ ثَلَاثًا أَوْ مَرَّتَيْنِ وَوَاحِدَةٌ تُجْزِئُ، وَلَيْسَ عَلَى الْمَرْأَةِ وَالرَّجُلِ مَسُّ مَا انْحَدَرَ مِنْ الشَّعْرِ عَنْ مَنَابِتِ الشَّعْرِ عَلَى الْقَفَا وَالْجَبْهَةِ ثُمَّ يُسْتَحَبُّ لَهُ مَسْحُ أُذُنَيْهِ، إنْ شَاءَ بِمَا مَسَحَ بِهِ رَأْسَهُ وَإِنْ شَاءَ بِمَاءٍ جَدِيدٍ، وَيُسْتَحَبُّ تَجْدِيدُ الْمَاءَ لِكُلِّ عُضْوٍ، ثُمَّ يَغْسِلُ رِجْلَيْهِ مِنْ مُبْتَدَإِ مُنْقَطَعِ الْأَظْفَارِ إلَى آخِرِ الْكَعْبَيْنِ مِمَّا يَلِي السَّاقَ، فَإِنْ غَسَلَ ذَلِكَ ثَلَاثًا فَحَسَنٌ، وَمَرَّتَيْنِ حَسَنٌ وَمَرَّةٌ تُجْزِئُ، وَتُسْتَحَبُّ تَسْمِيَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الْوُضُوءِ، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَوُضُوءُهُ تَامٌّ.

أَمَّا قَوْلُنَا فِي الْمَضْمَضَةِ فَلَمْ يَصِحَّ بِهَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمْرٌ، وَإِنَّمَا هِيَ فِعْلٌ فَعَلَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ أَفْعَالَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيْسَتْ فَرْضًا، وَإِنَّمَا فِيهَا الْإِيتَارُ بِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إنَّمَا أَمَرَنَا بِطَاعَةِ أَمْرِ نَبِيِّهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَلَمْ يَأْمُرْنَا بِأَنْ نَفْعَلَ أَفْعَالَهُ.

قَالَ تَعَالَى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور: ٦٣] وَقَالَ تَعَالَى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: ٢١] وَأَمَّا الِاسْتِنْشَاقُ وَالِاسْتِنْثَارُ فَإِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَبِيعٍ حَدَّثَنَا قَالَ ثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ثنا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُورٍ ثنا سُفْيَانُ هُوَ ابْنُ عُيَيْنَةَ - عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ فَلْيَجْعَلْ فِي أَنْفِهِ مَاءً ثُمَّ لْيَسْتَنْثِرْ» وَرُوِّينَاهُ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ عَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>