يَعُدُّونَ الْفَجْرَ فَجْرَكُمْ، إنَّمَا كَانُوا يَعُدُّونَ الْفَجْرَ الَّذِي يَمْلَأُ الْبُيُوتَ وَالطُّرُقَ. وَعَنْ أَبِي وَائِلٍ: أَنَّهُ تَسَحَّرَ وَخَرَجَ إلَى الْمَسْجِدِ فَأُقِيمَتْ الصَّلَاةُ وَعَنْ مَعْمَرٍ: أَنَّهُ كَانَ يُؤَخِّرُ السُّحُورَ جِدًّا، حَتَّى يَقُولَ الْجَاهِلُ: لَا صَوْمَ لَهُ؟ قَالَ عَلِيٌّ: وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي بَابِ " مَنْ تَسَحَّرَ فَإِذَا بِهِ نَهَارٌ وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّهُ لَيْلٌ " مَنْ لَمْ يَرَ فِي ذَلِكَ قَضَاءً. فَهَؤُلَاءِ: أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعَلِيٌّ، وَابْنُ عُمَرَ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ، وَابْنُ مَسْعُودٍ، وَحُذَيْفَةُ، وَعَمُّهُ خُبَيْبٌ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، فَهُمْ أَحَدَ عَشَرَ مِنْ الصَّحَابَةِ، لَا يُعْرَفُ لَهُمْ مُخَالِفٌ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -. إلَّا رِوَايَةٌ ضَعِيفَةٌ مِنْ طَرِيقِ مَكْحُولٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَلَمْ يُدْرِكْهُ؛ وَمِنْ طَرِيقِ يَحْيَى الْجَزَّارِ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَلَمْ يُدْرِكْهُ. وَمِنْ التَّابِعِينَ: مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، وَأَبُو مِجْلَزٍ، وَإِبْرَاهِيمُ، وَمُسْلِمٌ، وَأَصْحَابُ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَعَطَاءٌ، وَالْحَسَنُ، وَالْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ، وَمُجَاهِدٌ، وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَجَابِرُ بْنِ زَيْدٍ. وَمِنْ الْفُقَهَاءِ: مَعْمَرٌ، وَالْأَعْمَشُ. فَإِنْ ذَكَرُوا رِوَايَةَ سَعِيدِ بْنِ قَطَنٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُعَاوِيَةَ فِيمَنْ أَفْطَرَ وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ لَيْلٌ فَطَلَعَتْ الشَّمْسُ: أَنَّ عَلَيْهِ الْقَضَاءَ، وَبِالرِّوَايَةِ عَنْ عُمَرَ بِمِثْلِ ذَلِكَ -: فَإِنَّمَا هَذَا فِي الْإِفْطَارِ عِنْدَ اللَّيْلِ، لَا فِي الْأَكْلِ شَاكًّا فِي الْفَجْرِ، وَبَيْنَ الْأَمْرَيْنِ فَرْقٌ، وَلَا يَحِلُّ الْأَكْلُ إلَّا بَعْدَ يَقِينِ غُرُوبِ الشَّمْسِ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: {إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة: ١٨٧] فَمَنْ أَكَلَ شَاكًّا فِي مَجِيءِ اللَّيْلِ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ تَعَالَى، وَصِيَامُهُ بَاطِلٌ، فَإِنْ جَامَعَ فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ، لِأَنَّهُ فِي فَرْضِ الصِّيَامِ، مَا لَمْ يُوقِنْ اللَّيْلَ، بِخِلَافِ قَوْلِهِ: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ} [البقرة: ١٨٧] لِأَنَّ هَذَا فِي فَرْضِ الْإِفْطَارِ حَتَّى يُوقِنَ بِالنَّهَارِ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
[مَسْأَلَةٌ مَنْ صَحَّ عِنْدَهُ أَنَّ الْهِلَالَ قَدْ رُئِيَ الْبَارِحَةَ فِي آخِرِ شَعْبَانَ]
٧٥٧ - مَسْأَلَةٌ: وَمَنْ صَحَّ عِنْدَهُ بِخَبَرِ مَنْ يُصَدِّقُهُ - مِنْ رَجُلٍ وَاحِدٍ، أَوْ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ: عَبْدٍ، أَوْ حُرٍّ، أَوْ أَمَةٍ، أَوْ حُرَّةٍ، فَصَاعِدًا - أَنَّ الْهِلَالَ قَدْ رُئِيَ الْبَارِحَةَ فِي آخِرِ شَعْبَانَ فَفُرِضَ عَلَيْهِ الصَّوْمُ، صَامَ النَّاسُ أَوْ لَمْ يَصُومُوا، وَكَذَلِكَ لَوْ رَآهُ هُوَ وَحْدَهُ، وَلَوْ صَحَّ عِنْدَهُ بِخَبَرِ وَاحِدٍ أَيْضًا - كَمَا ذَكَرْنَا - فَصَاعِدًا: أَنَّ هِلَالَ شَوَّالٍ قَدْ رُئِيَ فَلْيُفْطِرْ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute