وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ: مَنْ كَانَ مِنْ مَمْلُوكٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَصَاعِدًا فَعَلَى سَادَاتِهِ فِيهِ زَكَاةُ الْفِطْرِ؛ فَإِنْ كَانَ عَبْدَانِ فَصَاعِدًا عَنْ اثْنَيْنِ فَلَا صَدَقَةَ فِطْرٍ عَلَى الرَّقِيقِ وَلَا عَلَى مَنْ يَمْلِكُهُمْ؟ وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: إنَّهُ قِيَاسٌ عَلَى مَنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا بَعْضَ الصَّاعِ فَالْقِيَاسُ كُلُّهُ بَاطِلٌ، ثُمَّ لَوْ كَانَ حَقًّا لَكَانَ هَذَا مِنْهُ عَيْنَ الْبَاطِلِ؛ لِأَنَّهُ قِيَاسٌ لِلْخَطَأِ عَلَى الْخَطَأِ، بَلْ مَنْ قَدَرَ عَلَى بَعْضِ صَاعٍ لَزِمَهُ أَدَاؤُهُ، عَلَى مَا نُبَيِّنُ بَعْدَ هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
وَقَدْ رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي الْحُوَيْرِثِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: لَيْسَ زَكَاةُ الْفِطْرِ إلَّا عَنْ مَمْلُوكٍ تَمْلِكُهُ، قَالَ وَكِيعٌ: يَعْنِي فِي الْمَمْلُوكِ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ، وَهَذَا مِمَّا خَالَفَ فِيهِ الْمَالِكِيُّونَ صَاحِبًا لَا يُعْرَفُ لَهُ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - مُخَالِفٌ، وَهَذَا مِمَّا خَالَفَ فِيهِ الْحَنَفِيُّونَ حُكْمَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي إيجَابِهِ صَدَقَةَ الْفِطْرِ عَلَى كُلِّ حُرٍّ، وَعَبْدٍ، صَغِيرٍ، وَكَبِيرٍ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى، وَخَالَفُوا فِيهِ الْقِيَاسَ؛ لِأَنَّهُمْ أَوْجَبُوا الزَّكَاةَ فِي الْغَنَمِ الْمُشْتَرَكَةِ وَأَسْقَطُوا زَكَاةَ الْفِطْرِ عَنْ الرَّقِيقِ الْمُشْتَرَكِ.
[مَسْأَلَةٌ زَكَاة الْفِطْر عَنْ الْمُكَاتَب الَّذِي لَمْ يُؤَدِّ شَيْئًا مِنْ كِتَابَتِهِ]
٧٠٧ - مَسْأَلَةٌ: وَأَمَّا الْمُكَاتَبُ الَّذِي لَمْ يُؤَدِّ شَيْئًا مِنْ كِتَابَتِهِ فَهُوَ عَبْدٌ، يُؤَدِّي سَيِّدُهُ عَنْهُ زَكَاةَ الْفِطْرِ. فَإِنْ أَدَّى مِنْ كِتَابَتِهِ مَا قَلَّ أَوْ كَثُرَ، أَوْ كَانَ عَبْدٌ بَعْضُهُ حُرٌّ وَبَعْضُهُ رَقِيقٌ، أَوْ أَمَةٌ كَذَلِكَ -: فَإِنَّ الشَّافِعِيَّ قَالَ فِيمَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ وَبَعْضُهُ مَمْلُوكٌ: عَلَى مَالِكِ بَعْضِهِ إخْرَاجُ صَدَقَةِ الْفِطْرِ عَنْهُ بِمِقْدَارِ مَا يَمْلِكُ مِنْهُ؛ وَعَلَيْهِ أَنْ يُخْرِجَ عَنْ نَفْسِهِ بِمِقْدَارِ مَا فِيهِ مِنْ الْحُرِّيَّةِ، وَلَمْ يَرِدْ عَلَى سَيِّدِ الْمُكَاتَبِ أَنْ يُعْطِيَ زَكَاةَ الْفِطْرِ عَنْ مُكَاتَبِهِ. وَقَالَ مَالِكٌ: يُؤَدِّي السَّيِّدُ زَكَاةَ الْفِطْرِ عَنْ مُكَاتَبِهِ وَعَنْ مِقْدَارِ مَا يَمْلِكُ عَنْ الَّذِي بَعْضُهُ حُرٌّ وَبَعْضُهُ رَقِيقٌ وَلَيْسَ عَلَى الَّذِي بَعْضُهُ رَقِيقٌ وَبَعْضُهُ حُرٌّ أَنْ يُخْرِجَ بَاقِيَ الصَّاعِ عَنْ بَعْضِهِ الْحُرِّ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا تَجِبُ زَكَاةُ الْفِطْرِ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، لَا عَلَى الْمُكَاتَبِ وَلَا عَلَى سَيِّدِهِ.
وَاحْتَجَّ مَنْ لَمْ يَرَ عَلَى السَّيِّدِ أَدَاءَ الزَّكَاةِ عَنْ مُكَاتَبِهِ بِرِوَايَةِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute