للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لَقَدْ يَلْزَمُ مَنْ رَأَى الْقَوَدَ بِالْقَتْلِ عَلَى الْمُمْسِكِ إنْسَانًا حَتَّى قُتِلَ ظُلْمًا، وَمَنْ رَأَى الْحَدَّ فِي التَّعْرِيضِ قِيَاسًا عَلَى الْقَذْفِ، وَمَنْ رَأَى الْحَدَّ عَلَى فَاعِلِ فِعْلِ قَوْمِ لُوطٍ قِيَاسًا عَلَى الزِّنَى: أَنْ يَرَى الْحَدَّ عَلَى سَاقِي الْقَوْمِ الْخَمْرَ قِيَاسًا عَلَى شَارِبِهَا - وَإِلَّا فَقَدْ تَنَاقَضُوا فِي قِيَاسِهِمْ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

[مَسْأَلَة مَنْ أُكْرِهَ عَلَى شُرْبِ الْخَمْرِ أَوْ اُضْطُرَّ إلَيْهَا]

٢٢٩٦ - مَسْأَلَةٌ: مَنْ اُضْطُرَّ إلَى شُرْبِ الْخَمْرِ؟

قَالَ أَبُو مُحَمَّد - رَحِمَهُ اللَّهُ -: مَنْ أُكْرِهَ عَلَى شُرْبِ الْخَمْرِ، أَوْ اُضْطُرَّ إلَيْهَا لِعَطَشٍ، أَوْ عِلَاجٍ، أَوْ لِدَفْعِ خَنْقٍ، فَشَرِبَهَا، أَوْ جَهِلَهَا فَلَمْ يَدْرِ أَنَّهَا خَمْرٌ، فَلَا حَدَّ عَلَى أَحَدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ.

أَمَّا الْمُكْرَهُ - فَإِنَّهُ مُضْطَرٌّ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} [الأنعام: ١١٩] .

وَقَدْ قَالَ تَعَالَى {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ} [البقرة: ١٧٣] .

فَصَحَّ أَنَّ الْمُضْطَرَّ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِمَّا اُضْطُرَّ إلَيْهِ مِنْ طَعَامٍ، أَوْ شَرَابٍ.

وَأَمَّا الْجَاهِلُ - فَإِنَّهُ لَمْ يَتَعَدَّ مَا حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ، وَلَا حَدَّ إلَّا عَلَى مَنْ عَلِمَ التَّحْرِيمَ - وَلَا يَخْتَلِفُ اثْنَانِ مِنْ الْأُمَّةِ فِي أَنَّهُ مَنْ دُسَّتْ إلَيْهِ غَيْرُ امْرَأَتِهِ فَوَطِئَهَا وَهُوَ لَا يَدْرِي مَنْ هِيَ يَظُنُّ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ، فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ.

وَأَمَّا مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فَبَدَّلَهُ جَاهِلًا، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؟ قَالَ تَعَالَى {لأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} [الأنعام: ١٩] فَصَحَّ أَنَّهُ لَا حَدَّ إلَّا عَلَى مَنْ بَلَغَهُ التَّحْرِيمُ، وَعَلَى مَنْ عَرَفَ أَنَّ الزِّنَى حَرَامٌ فَقَصَدَهُ عَمْدًا - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

[مَسْأَلَة حَدُّ الذِّمِّيِّ فِي الْخَمْرِ]

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: قَدْ بَيَّنَّا فِي مَوَاضِعَ جَمَّةٍ مِقْدَارَ الْحُكْمِ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ كَالْحُكْمِ عَلَى أَهْلِ الْإِسْلَامِ.

لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ} [الأنفال: ٣٩] .

وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} [المائدة: ٤٩] .

<<  <  ج: ص:  >  >>