للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مَسْأَلَة بَيْعُ شَيْءٍ مِمَّنْ يُوقَنُ أَنَّهُ يَعْصِي اللَّهَ بِهِ أَوْ فِيهِ]

مَسْأَلَةٌ: وَلَا يَحِلُّ بَيْعُ شَيْءٍ مِمَّنْ يُوقَنُ أَنَّهُ يَعْصِي اللَّهَ بِهِ أَوْ فِيهِ، وَهُوَ مَفْسُوخٌ أَبَدًا.

كَبَيْعِ كُلِّ شَيْءٍ يُنْبَذُ أَوْ يُعْصَرُ مِمَّنْ يُوقَنُ بِهَا أَنَّهُ يَعْمَلُهُ خَمْرًا.

وَكَبَيْعِ الدَّرَاهِمِ الرَّدِيئَةِ مِمَّنْ يُوقَنُ أَنَّهُ يُدَلِّسُ بِهَا.

وَكَبَيْعِ الْغِلْمَانِ مِمَّنْ يُوقَنُ أَنَّهُ يَفْسُقُ بِهِمْ أَوْ يُخْصِيهِمْ، وَكَبَيْعِ الْمَمْلُوكِ مِمَّنْ يُوقَنُ أَنَّهُ يُسِيءُ مَلَكَتَهُ.

أَوْ كَبَيْعِ السِّلَاحِ أَوْ الْخَيْلِ: مِمَّنْ يُوقَنُ أَنَّهُ يَعْدُو بِهَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ.

أَوْ كَبَيْعِ الْحَرِيرِ مِمَّنْ يُوقَنُ أَنَّهُ يَلْبَسُهُ، وَهَكَذَا فِي كُلِّ شَيْءٍ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ - تَعَالَى -: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: ٢] ، وَالْبُيُوعُ الَّتِي ذَكَرْنَا تَعَاوُنٌ ظَاهِرٌ عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ بِلَا تَطْوِيلٍ، وَفَسْخُهَا تَعَاوُنٌ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى.

فَإِنْ لَمْ يُوقَنْ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُعِنْ عَلَى إثْمٍ، فَإِنْ عَصَى الْمُشْتَرِي اللَّهَ - تَعَالَى - بَعْدَ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ -: رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ نا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ ابْنِ جَرِيرٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: لَا تَبِعْهُ مِمَّنْ يَجْعَلُهُ خَمْرًا.

[مَسْأَلَة بَيْع الجزاف]

١٥٤٤ - مَسْأَلَةٌ: وَمَنْ بَاعَ شَيْئًا جُزَافًا كَيْلُهُ أَوْ وَزْنُهُ أَوْ زَرْعُهُ أَوْ عَدَدُهُ، وَلَمْ يَعْرِفْ الْمُشْتَرِي بِذَلِكَ فَهُوَ جَائِزٌ لَا كَرَاهِيَةَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ عَنْ هَذَا الْبَيْعِ نَهْيٌ فِي نَصٍّ أَصْلًا، وَلَا فِيهِ غِشٌّ وَلَا خَدِيعَةٌ - وَمَنَعَ مِنْهُ: طَاوُسٌ، وَمَالِكٌ - وَأَجَازَهُ: أَبُو حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو سُلَيْمَانَ.

قَالَ عَلِيٌّ: وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَعْلَمَ كَيْلَهُ أَوْ وَزْنَهُ، أَوْ زَرْعَهُ أَوْ عَدَدَهُ، وَلَا يَعْلَمُهُ الْمُشْتَرِي، وَبَيْنَ أَنْ يَعْلَمَ مَنْ نَسَجَ الثَّوْبَ، وَلِمَنْ كَانَ، وَمَتَى نُسِجَ، وَأَيْنَ أُصِيبَ هَذَا الْبُرُّ، وَهَذَا التَّمْرُ؟ وَلَا يَعْلَمُ الْمُشْتَرِي شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ، وَالْمُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا مُخْطِئٌ وَقَائِلٌ بِلَا دَلِيلٍ.

وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِكَ بِمَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، قَالَ: قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ: إنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يَبِيعَ طَعَامًا جُزَافًا قَدْ عَلِمَ كَيْلَهُ حَتَّى يَعْلَمَ صَاحِبُهُ» وَهَذَا مُنْقَطِعٌ فَاحِشُ الِانْقِطَاعِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>