للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَعَالَى أَعْلَمُ بِهِ فِي غَيْرِ صَلَاةٍ، وَأَنَّهُ لَوْ رَجَعَ لَكَانَ مُؤْتَمًّا عِنْدَكُمْ لَا إمَامًا، فَقَدْ أَيْقَنَّا: أَنَّ إمَامَتَهُ قَدْ بَطَلَتْ، فَإِنْ قَالُوا: إنَّمَا قُلْنَا: بَقِيَ حُكْمُ إمَامَتِهِ، لَا إمَامَتُهُ قُلْنَا فِي هَذَا نَازَعْنَاكُمْ، فَلَيْسَ دَعْوَاكُمْ حُجَّةً لِنَفْسِهَا، وَإِذْ قَدْ أَقْرَرْتُمْ أَنَّ إمَامَتَهُ قَدْ بَطَلَتْ، وَأَنَّهُ لَيْسَ إمَامًا - فَلَا يَجُوزُ بَقَاءُ حُكْمِ إمَامَةٍ قَدْ بَطَلَتْ أَصْلًا وَأَمَّا الثَّانِي - فَهُوَ بِإِجْمَاعٍ مِنَّا وَمِنْهُمْ - الْإِمَامُ الَّذِي أَمَرَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنْ نَأْتَمَّ بِهِ، وَأَنْ نُكَبِّرَ إذَا كَبَّرَ، وَنَرْفَعَ إذَا رَفَعَ، وَنَرْكَعَ إذَا رَكَعَ، وَنَسْجُدَ إذَا سَجَدَ؛ فَإِذْ هُوَ كَذَلِكَ فَهُوَ الْإِمَامُ لَا الْمَأْمُومُ، وَالْإِمَامُ هُوَ الْمَأْمُورُ بِأَنْ يَأْتِيَ بِالصَّلَاةِ كَمَا أُمِرَ؛ وَالْمُؤْتَمُّونَ بِهِ هُمْ الْمَأْمُورُونَ بِالِائْتِمَامِ بِهِ، فَإِنْ قَالُوا: فَأَنْتُمْ تَقُولُونَ: إنَّ الْمَأْمُومَ إذَا أَتَمَّ صَلَاتَهُ لَمْ يَنْتَظِرْ الْإِمَامَ قُلْنَا: نَعَمْ، وَهَؤُلَاءِ لَمْ تَتِمَّ صَلَاتُهُمْ بَعْدُ. فَوَاجِبٌ عَلَيْهِمْ انْتِظَارُهُ، كَمَا فَعَلَ الْمُسْلِمُونَ فِي انْتِظَارِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذْ خَرَجَ ثُمَّ رَجَعَ وَقَدْ اغْتَسَلَ، وَكَمَا فَعَلُوا فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ؛ لِأَنَّهُمْ بَعْدُ مُؤْتَمُّونَ بِهِ، وَهُوَ إمَامُهُمْ، وَصَلَاتُهُمْ لَمْ تَتِمَّ، فَلَا عُذْرَ لَهُمْ فِي الْخُرُوجِ عَنْ الِائْتِمَامِ بِهِ، وَلَا يَحِلُّ لَهُمْ أَنْ يَتْبَعُوهُ فِيمَا لَيْسَ مِنْ صَلَاتِهِمْ فَيَزِيدُوا فِيهَا بِالْعَمْدِ مَا قَدْ صَلَّوْهُ، فَوَجَبَ انْتِظَارُهُمْ إيَّاهُ وَلَا بُدَّ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. وَأَمَّا مَنْ تَمَّتْ صَلَاتُهُ مِنْهُمْ، فَإِنْ شَاءَ سَلَّمَ وَإِنْ شَاءَ أَطَالَ التَّشَهُّدَ؛ فَذَلِكَ لَهُ، حَتَّى يُسَلِّمَ مَعَ الْإِمَامِ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

[مَسْأَلَةٌ وَأَيُّمَا عَبْدٍ أَبَقَ عَنْ مَوْلَاهُ فَلَا تُقْبَلُ لَهُ صَلَاةٌ حَتَّى يَرْجِعَ]

٤٢٣ - مَسْأَلَةٌ: وَأَيُّمَا عَبْدٍ أَبَقَ عَنْ مَوْلَاهُ فَلَا تُقْبَلُ لَهُ صَلَاةٌ حَتَّى يَرْجِعَ، إلَّا أَنْ يَكُونَ أَبَقَ لِضَرَرٍ مُحَرَّمٍ لَا يَجِدُ مَنْ يَنْصُرُهُ مِنْهُ، فَلَيْسَ آبِقًا حِينَئِذٍ إذَا نَوَى بِذَلِكَ الْبُعْدَ عَنْهُ فَقَطْ -: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ثِنَا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ ثِنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى ثِنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ ثِنَا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ ثِنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى ثِنَا جَرِيرٌ عَنْ الْمُغِيرَةِ عَنْ الشَّعْبِيِّ قَالَ: كَانَ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيُّ يُحَدِّثُ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «إذَا أَبَقَ الْعَبْدُ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ» وَبِهَذَا يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ؛ كَمَا رُوِّينَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ ثِنَا شُعْبَةُ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ قَالَ سَمِعْتُ وَأَنَا صَبِيٌّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>