للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مَسْأَلَةٌ لَا يَجُوزُ فِي الصُّلْحِ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ إبْرَاءٌ شَرْطُ تَأْجِيلٍ]

مَسْأَلَةٌ:

وَلَا يَجُوزُ فِي الصُّلْحِ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ إبْرَاءٌ مِنْ الْبَعْضِ شَرْطُ تَأْجِيلٍ أَصْلًا؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ، فَهُوَ بَاطِلٌ، لَكِنَّهُ يَكُونُ حَالًّا فِي الذِّمَّةِ يُنْظِرُهُ بِهِ مَا شَاءَ بِلَا شَرْطٍ؛ لِأَنَّهُ فِعْلُ خَيْرٍ.

[مَسْأَلَةٌ الصُّلْحُ عَلَى مَالٍ مَجْهُول]

١٢٧٣ - مَسْأَلَةٌ: وَلَا يَجُوزُ الصُّلْحُ عَلَى مَالٍ مَجْهُولِ الْقَدْرِ، لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [النساء: ٢٩] وَالرِّضَا لَا يَكُونُ فِي مَجْهُولٍ أَصْلًا، إذْ قَدْ يَظُنُّ الْمَرْءُ أَنَّ حَقَّهُ قَلِيلٌ فَتَطِيبُ نَفْسُهُ بِهِ، فَإِذَا عَلِمَ أَنَّهُ كَثِيرٌ لَمْ تَطِبْ نَفْسُهُ بِهِ وَلَكِنْ مَا عُرِفَ قَدْرُهُ جَازَ الصُّلْحُ فِيهِ، وَمَا جُهِلَ فَهُوَ مُؤَخَّرٌ إلَى يَوْمِ الْحِسَابِ.

وَقَدْ احْتَجَّ مَنْ أَجَازَ ذَلِكَ بِمَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ فِي مَغَازِيهِ عَنْ حَكِيمِ بْنِ حَكِيمِ بْنِ عَبَّادِ بْنِ حُنَيْفٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعَثَ عَلِيًّا إلَى بَنِي جَذِيمَةَ إذَا أَوْقَعَ بِهِمْ خَالِدٌ فَبَعَثَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِمَالٍ فَوَدَى لَهُمْ الدِّمَاءَ وَالْأَمْوَالَ حَتَّى إنَّهُ لَيَدِيَ لَهُمْ مِيلَغَةَ الْكَلْبِ، حَتَّى إذَا لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ مِنْ مَالٍ وَلَا دَمٍ حَتَّى أَدَّاهُ وَبَقِيَتْ مَعَهُ بَقِيَّةٌ مِنْ الْمَالِ فَقَالَ لَهُمْ: هَلْ بَقِيَ لَكُمْ دَمٌ أَوْ مَالٌ؟ قَالُوا: لَا، قَالَ: فَإِنِّي أُعْطِيكُمْ هَذِهِ الْبَقِيَّةَ مِنْ الْمَالِ احْتِيَاطًا لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِمَّا لَمْ يَعْلَمْ وَلَا تَعْلَمُونَ، فَفَعَلَ، فَرَجَعَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ لَهُ: أَصَبْتَ وَأَحْسَنْتَ» .

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: هَذَا لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ مُرْسَلٌ، ثُمَّ هُوَ عَنْ حَكِيمِ بْنِ حَكِيمٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ - ثُمَّ لَوْ صَحَّ لَمَا كَانَتْ لَهُمْ فِيهِ حُجَّةٌ أَصْلًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ صُلْحٌ مُشْتَرَطٌ عَلَى طَلَبِ حَقٍّ مَجْهُولٍ - وَهَذَا هُوَ الَّذِي أَنْكَرْنَا، وَإِنَّمَا هُوَ تَطَوُّعٌ لِقَوْمٍ لَا يَدَّعُونَ حَقًّا أَصْلًا، بَلْ هُمْ مُقِرُّونَ بِأَنَّهُمْ لَمْ يَبْقَ لَهُمْ طَلَبٌ أَصْلًا، وَنَحْنُ لَا نُنْكِرُ التَّطَوُّعَ مِمَّنْ لَا يُطْلَبُ بِحَقٍّ، بَلْ هُوَ فِعْلُ خَيْرٍ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

[مَسْأَلَةٌ كَسْر سِنٍّ عَمْدًا]

١٢٧٤ - مَسْأَلَةٌ:

وَلَا يَجُوزُ الصُّلْحُ فِي غَيْرِ مَا ذَكَرْنَا مِنْ الْأَمْوَالِ الْوَاجِبَةِ الْمَعْلُومَةِ بِالْإِقْرَارِ وَالْبَيِّنَةِ، إلَّا فِي أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ فَقَطْ -: فِي الْخُلْعِ وَنَذْكُرُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي: (كِتَابِ النِّكَاحِ) قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} [النساء: ١٢٨] .

أَوْ فِي كَسْرِ سِنٍّ عَمْدًا، فَيُصَالِحُ الْكَاسِرُ فِي إسْقَاطِ الْقَوَدِ

<<  <  ج: ص:  >  >>