للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[كِتَابُ الْإِكْرَاهِ] [مَسْأَلَةٌ الْإِكْرَاهُ يَنْقَسِمُ قِسْمَيْنِ]

ِ ١٤٠٣ - مَسْأَلَةٌ: الْإِكْرَاهُ يَنْقَسِمُ قِسْمَيْنِ: إكْرَاهٌ عَلَى كَلَامٍ، وَإِكْرَاهٌ عَلَى فِعْلٍ -: فَالْإِكْرَاهُ عَلَى الْكَلَامِ لَا يَجِبُ بِهِ شَيْءٌ، وَإِنْ قَالَهُ الْمُكْرَهُ، كَالْكُفْرِ، وَالْقَذْفِ، وَالْإِقْرَارِ، وَالنِّكَاحِ، وَالْإِنْكَاحِ، وَالرَّجْعَةِ، وَالطَّلَاقِ، وَالْبَيْعِ، وَالِابْتِيَاعِ، وَالنَّذْرِ، وَالْإِيمَانِ، وَالْعِتْقِ، وَالْهِبَةِ، وَإِكْرَاهِ الذِّمِّيِّ الْكِتَابِيِّ عَلَى الْإِيمَانِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ فِي قَوْلِهِ مَا أُكْرِهَ عَلَيْهِ إنَّمَا هُوَ حَاكٍ لِلَّفْظِ الَّذِي أُمِرَ أَنْ يَقُولَهُ، وَلَا شَيْءَ عَلَى الْحَاكِي بِلَا خِلَافٍ وَمَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ فَقَدْ تَنَاقَضَ قَوْلُهُ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَلِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى» فَصَحَّ أَنَّ كُلَّ مَنْ أُكْرِهَ عَلَى قَوْلٍ وَلَمْ يَنْوِهِ مُخْتَارًا لَهُ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ.

وَالْإِكْرَاهُ عَلَى الْفِعْلِ يَنْقَسِمُ قِسْمَيْنِ -: أَحَدُهُمَا - كُلُّ مَا تُبِيحُهُ الضَّرُورَةُ، كَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ فَهَذَا يُبِيحُهُ الْإِكْرَاهُ؛ لِأَنَّ الْإِكْرَاهَ ضَرُورَةٌ، فَمَنْ أُكْرِهَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ هَذَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أَتَى مُبَاحًا لَهُ إتْيَانُهُ.

وَالثَّانِي - مَا لَا تُبِيحُهُ الضَّرُورَةُ، كَالْقَتْلِ، وَالْجِرَاحِ، وَالضَّرْبِ، وَإِفْسَادِ الْمَالِ، فَهَذَا لَا يُبِيحُهُ الْإِكْرَاهُ، فَمَنْ أُكْرِهَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ لَزِمَهُ الْقَوَدُ وَالضَّمَانُ؛ لِأَنَّهُ أَتَى مُحَرَّمًا عَلَيْهِ إتْيَانُهُ.

وَالْإِكْرَاهُ: هُوَ كُلُّ مَا سُمِّيَ فِي اللُّغَةِ إكْرَاهًا، وَعُرِفَ بِالْحِسِّ أَنَّهُ إكْرَاهٌ كَالْوَعِيدِ بِالْقَتْلِ مِمَّنْ لَا يُؤْمَنُ مِنْهُ إنْفَاذُ مَا تَوَعَّدَ بِهِ، وَالْوَعِيدُ بِالضَّرْبِ كَذَلِكَ أَوْ الْوَعِيدُ بِالسَّجْنِ كَذَلِكَ، أَوْ الْوَعِيدُ بِإِفْسَادِ الْمَالِ كَذَلِكَ، أَوْ الْوَعِيدُ فِي مُسَلِّمٍ غَيْرَهُ بِقَتْلٍ، أَوْ ضَرْبٍ، أَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>