للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مَسْأَلَةٌ مس الطَّيِّب لِلْمُحْرِمِ]

مَسْأَلَةٌ:

ثُمَّ يَجْتَنِبَانِ تَجْدِيدَ قَصْدٍ إلَى الطِّيبِ فَإِنْ مَسَّهُمَا مِنْ طِيبِ الْكَعْبَةِ شَيْءٌ لَمْ يَضُرَّ؛ أَمَّا اجْتِنَابُ الْقَصْدِ إلَى الطِّيبِ فَلَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا، وَأَمَّا إنْ مَسَّهُ شَيْءٌ مِنْ طِيبِ الْكَعْبَةِ أَوْ غَيْرِهَا عَنْ غَيْرِ قَصْدٍ، فَلِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ فِيهِ نَهْيٌ.

وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ أَنَسٍ كَمَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ أَصَابَهُ فَلَمْ يَغْسِلْهُ؛ وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ، وَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَغْسِلَهُ.

[مَسْأَلَةٌ تَغْطِيَة الرأس لِلْمُحْرِمِ]

٨٢٨ - مَسْأَلَةٌ:

وَلَا بَأْسَ أَنْ يُغَطِّيَ الرَّجُلُ وَجْهَهُ بِمَا هُوَ مُلْتَحِفٌ بِهِ أَوْ بِغَيْرِ ذَلِكَ وَلَا كَرَاهَةَ فِي ذَلِكَ؛ وَلَا بَأْسَ أَنْ تَسْدُلَ الْمَرْأَةُ الثَّوْبَ مِنْ عَلَى رَأْسِهَا عَلَى وَجْهِهَا.

أَمَّا أَمْرُ الْمَرْأَةِ، فَلِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا نَهَاهَا عَنْ النِّقَابِ؛ وَلَا يُسَمَّى السَّدْلُ نِقَابًا فَإِنْ كَانَ " الْبُرْقُعُ " يُسَمَّى نِقَابًا، لَمْ يَحِلَّ لَهَا لِبَاسُهُ؛ وَأَمَّا اللِّثَامُ فَإِنَّهُ نِقَابٌ بِلَا شَكٍّ؛ فَلَا يَحِلُّ لَهَا.

وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ} [الأنعام: ١١٩]

وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَدَعُوهُ» .

وَقَالَ تَعَالَى: {وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ} [الطلاق: ١] فَصَحَّ أَنَّ مَا لَمْ يُفَصِّلْ لَنَا تَحْرِيمَهُ فَمُبَاحٌ، وَمَا لَمْ يَنْهَ عَنْهُ فَحَلَالٌ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ؛ وَقَدْ صَحَّ فِي ذَلِكَ خِلَافٌ -: رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ الْحَجَّاجِ بْنِ الْمِنْهَالِ نَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ الْمَاجِشُونُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ قَالَ: رَأَى ابْنُ عُمَرَ امْرَأَةً قَدْ سَدَلَتْ ثَوْبَهَا عَلَى وَجْهِهَا - وَهِيَ مُحْرِمَةٌ - فَقَالَ لَهَا: اكْشِفِي وَجْهَك فَإِنَّمَا حُرْمَةُ الْمَرْأَةِ فِي وَجْهِهَا.

وَصَحَّ خِلَافُ هَذَا عَنْ غَيْرِهِ، كَمَا رُوِّينَا عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ أَنَّ أَسْمَاءَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ كَانَتْ تُغَطِّي وَجْهَهَا وَهِيَ مُحْرِمَةٌ.

وَعَنْ وَكِيعٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ يَزِيدَ الرِّشْكِ عَنْ مُعَاذَةَ الْعَدَوِيَّةِ قَالَتْ: سَأَلْت عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ مَا تَلْبَسُ الْمُحْرِمَةُ؟ فَقَالَتْ: لَا تَنْتَقِبُ، وَلَا تَلْثِمُ، وَتَسْدُلُ الثَّوْبَ عَلَى وَجْهِهَا - وَعَنْ عُثْمَانَ أَيْضًا ذَلِكَ، فَكَانَ الْمَرْجُوعُ فِي ذَلِكَ إلَى مَا مَنَعَ مِنْهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَطْ.

وَأَمَّا الرَّجُلُ: فَإِنَّنَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>