وَقَدْ قُلْنَا: إنَّهُ لَيْسَ مِنْهَا قَوْلٌ يَصِحُّ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَإِنَّمَا صَحَّتْ عَنْ بَعْضِ التَّابِعِينَ فَقَطْ، وَالْخَطَأُ لَمْ يُعْصَمْ مِنْهُ أَحَدٌ بَعْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
فَإِذْ سَقَطَتْ كُلُّهَا، فَلَمْ يَبْقَ إلَّا قَوْلُنَا وَهُوَ الْحَقُّ الَّذِي لَا يَحِلُّ خِلَافُهُ بِمَا ذَكَرنَا آنِفًا مِنْ أَنَّهُمْ لَا يَحِلُّ لَهُمْ شَيْءٌ مِنْ أَمْوَالِنَا إلَّا بِمَا أَحَلَّهُ اللَّهُ تَعَالَى فِيمَا يَشَاءُ مِنْ بَعْضِنَا لِبَعْضٍ قَالَ تَعَالَى: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ} [الأنفال: ٣٩] ثُمَّ هُوَ الثَّابِتُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُد نَا صَالِحُ بْنُ سُهَيْلٍ نَا يَحْيَى يَعْنِي ابْنَ أَبِي زَائِدَةَ - عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «إنَّ غُلَامًا أَبَقَ إلَى الْعَدُوِّ فَظَهَرَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ فَرَدَّهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى ابْنِ عُمَرَ وَلَمْ يُقْسَمْ» .
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: مَنْعُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ قِسْمَتِهِ بُرْهَانٌ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ قِسْمَتُهُ وَأَنَّهُ لَا حَقَّ فِيهِ لِلْغَانِمَيْنِ، وَلَوْ كَانَ لَهُمْ فِيهِ حَقٌّ لَقَسَمَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِيهِمْ. وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ سَمِعْتُ نَافِعًا مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ يَزْعُمُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ ذَهَبَ الْعَدُوُّ بِفَرَسِهِ فَلَمَّا هُزِمَ الْعَدُوُّ وَجَدَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ فَرَسَهُ فَرَدَّهُ إلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ.
وَبِهِ إلَى عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: أَبَقَ لِي غُلَامٌ يَوْمَ الْيَرْمُوكِ، ثُمَّ ظَهَرَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ فَرَدُّوهُ إلَيَّ.
وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ نَا شَرِيكٌ عَنْ الرُّكَيْنِ عَنْ أَبِيهِ أَوْ عَمِّهِ قَالَ: حُبِسَ لِي فَرَسٌ فَأَخَذَهُ الْعَدُوُّ فَظَهَرَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ فَوَجَدْته فِي مَرْبِطِ سَعْدٍ فَقُلْت: فَرَسِي. فَقَالَ: بَيِّنَتُك، فَقُلْت: أَنَا أَدْعُوهُ فَيُحَمْحِمُ. فَقَالَ سَعْدٌ: إنْ أَجَابَك فَإِنَّا لَا نُرِيدُ مِنْك بَيِّنَةً - فَهَذَا لَيْسَ إلَّا بَعْدَ الْقِسْمَةِ، فَهَذَا فِعْلُ الْمُسْلِمِينَ، وَخَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ، وَابْنِ عُمَرَ: لَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ حَالِ الْقِسْمَةِ وَمَا قَبْلَ الْقِسْمَةِ. وَرُوِّينَا هَذَا الْقَوْلَ عَنْ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ
[مَسْأَلَةٌ أَهْلُ الْحَرْبِ لَوْ نَزَلُوا عِنْدَك تُجَّارًا بِأَمَانٍ]
. ٩٣٢ - مَسْأَلَةٌ:
وَكَذَلِكَ لَوْ نَزَلَ أَهْلُ الْحَرْبِ عِنْدَك تُجَّارًا بِأَمَانٍ، أَوْ رُسُلًا، أَوْ مُسْتَأْمِنِينَ مُسْتَجِيرِينَ، أَوْ مُلْتَزِمِينَ لَأَنْ يَكُونُوا ذِمَّةً لَنَا فَوَجَدْنَا بِأَيْدِيهِمْ أَسْرَى مُسْلِمِينَ، أَوْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute