[كِتَابُ الْحَوَالَةِ] [مَسْأَلَةٌ الْحَوَالَةُ عَلَى مَلِيءٍ]
ِ ١٢٢٧ - مَسْأَلَةٌ:
رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ، وَمُسْلِمٍ، قَالَ الْبُخَارِيُّ: نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ نا مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ؛ وَقَالَ مُسْلِمٌ: نا ابْنُ رَافِعٍ نا عَبْدُ الرَّزَّاقِ نا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ - ثُمَّ اتَّفَقَ الْأَعْرَجُ، وَهِشَامٌ، وَكِلَاهُمَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ وَإِذَا اُتُّبِعَ أَحَدُكُمْ عَلَى مَلِيءٍ فَلْيَتْبَعْ» .
وَصَحَّ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا سَنَذْكُرُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي " كِتَابِ الْبُيُوعِ " بِإِسْنَادِهِ أَنَّهُ قَالَ: «إذَا ابْتَعْتَ بَيْعًا فَلَا تَبِعْهُ حَتَّى تَقْبِضَهُ» . فَوَجَبَ مِنْ هَذَيْنِ النَّصَّيْنِ: أَنَّ كُلَّ مَنْ لَهُ عِنْدَ آخَر حَقٌّ مِنْ غَيْرِ الْبَيْعِ لَكِنْ مِنْ ضَمَانِ غَصْبٍ أَوْ تَعَدٍّ بِوَجْهِ مَا، أَوْ مِنْ سَلَمٍ سَلَّمَ فِيهِ، أَوْ مِنْ قَرْضٍ، أَوْ مِنْ صُلْحٍ، أَوْ إجَارَةٍ، أَوْ صَدَاقٍ، أَوْ مِنْ كِتَابَةٍ، أَوْ مِنْ ضَمَانٍ، فَأَحَالَهُ بِهِ عَلَى مَنْ لَهُ عِنْدَهُ حَقٌّ مِنْ غَيْرِ الْبَيْعِ، لَكِنْ بِأَحَدِ هَذِهِ الْوُجُوهِ الْمَذْكُورَةِ.
وَلَا نُبَالِي مِنْ وَجْهٍ وَاحِدٍ كَانَ الْحَقَّانِ، أَوْ مِنْ وَجْهَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ، وَكَانَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ يُوفِيه حَقَّهُ مِنْ وَقْتِهِ وَلَا يَمْطُلُهُ: فَفَرْضٌ عَلَى الَّذِي أُحِيلَ أَنْ يَسْتَحِيلَ عَلَيْهِ، وَيُجْبَرَ عَلَى ذَلِكَ، وَيَبْرَأَ الْمُحِيلُ مِمَّا كَانَ عَلَيْهِ.
وَلَا رُجُوعَ لِلَّذِي أُحِيلَ عَلَى الَّذِي أَحَالَهُ بِشَيْءِ مِنْ ذَلِكَ الْحَقِّ - انْتَصَفَ، أَوْ لَمْ يَنْتَصِفْ - أَعْسَرَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ إثْرَ الْإِحَالَةِ عَلَيْهِ أَمْ لَمْ يُعْسَرْ، لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَهُ بِاتِّبَاعِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ اتِّبَاعُ غَيْرِهِ، فَإِنْ غَرَّهُ وَأَحَالَهُ عَلَى غَيْرِ مَلِيءٍ - وَالْمُحِيلُ يَدْرِي أَنَّهُ غَيْرُ مَلِيءٍ أَوْ لَا يَدْرِي -: فَهُوَ عَمَلٌ فَاسِدٌ، وَحَقُّهُ بَاقٍ عَلَى الْمُحِيلِ كَمَا كَانَ، لِأَنَّهُ لَمْ يُحِلْهُ عَلَى مَلِيءٍ، وَلَا تَجُوزُ الْحَوَالَةُ إلَّا عَلَى مَلِيءٍ بِنَصِّ الْخَبَرِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute