وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَسُفْيَانُ، وَأَحْمَدُ، وَأَبُو ثَوْرٍ: لَا قَطْعَ عَلَى مَنْ سَرَقَ حُرًّا صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا.
وَقَالَ مَالِكٌ، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ: عَلَى مَنْ سَرَقَ حُرًّا صَغِيرًا، الْقَطْعُ - وَذُكِرَ هَذَا عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَالشَّعْبِيِّ. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَقَدْ جَاءَ فِي هَذَا أَثَرٌ، لَا عَلَيْنَا أَنْ نَذْكُرَهُ؛ لِأَنَّ الْحَنَفِيِّينَ يَأْخُذُونَ بِأَقَلَّ مِنْهُ، إذَا وَافَقَهُمْ، وَهُوَ: كَمَا نا الْقَاضِي عَبْدُ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جَحَّافٍ الْمَعَافِرِيُّ بِبُلُنْسِيَةَ نا مُحَمَّدُ نا إبْرَاهِيمُ بِطُلَيْطُلَةَ نا بَكْرُ بْنُ الْعَلَاءِ الْقُشَيْرِيُّ بِمِصْرَ نا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى السَّاجِيُّ الْبَصْرِيُّ نا الْقَاسِمُ بْنُ إِسْحَاقَ الْأَنْصَارِيُّ نا أَبِي نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْر عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُتِيَ بِرَجُلٍ كَانَ يَسْرِقُ الصِّبْيَانَ، فَأَمَرَ بِهِ فَقُطِعَ» ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: فَلَيْسَ فِيهِ تَخْصِيصُ حُرٍّ مِنْ عَبْدٍ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
[مَسْأَلَة فِيمَنْ سَرَقَ الْمُصْحَف]
٢٢٧٧ - مَسْأَلَةٌ: مَنْ سَرَقَ الْمُصْحَفَ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَصْحَابُهُ، لَا قَطْعَ عَلَى مَنْ سَرَقَ مُصْحَفًا - سَوَاءٌ كَانَتْ عَلَيْهِ حِلْيَةُ فِضَّةٍ تَزِنُ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ، أَوْ أَكْثَرَ، أَوْ أَقَلَّ أَوْ لَمْ تَكُنْ.
وَقَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَصْحَابُنَا: عَلَيْهِ الْقَطْعُ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَاحْتَجَّ مَنْ لَمْ يَرَ الْقَطْعَ بِأَنْ قَالَ: إنَّ لَهُ فِيهِ حَقَّ التَّعْلِيمِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ عَمَّنْ احْتَاجَ إلَيْهِ. قَالَ: فَلَمَّا كَانَ لَهُ فِيهِ حَقٌّ كَانَ كَمَنْ سَرَقَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ. قَالَ: وَالْفِضَّةُ تَبَعٌ؛ لِأَنَّهَا تَدْخُلُ فِي بَيْعِهِ، كَمَا يَدْخُلُ فِي بَيْعِهِ الْجِلْدُ، وَالدَّفَّتَانِ - وَهَذَا كَلَامٌ فِي غَايَةِ الْفَسَادِ وَالْبَاطِلِ: أَوَّلُ ذَلِكَ - قَوْلُهُمْ: لِأَنَّ لَهُ فِيهِ حَقُّ التَّعْلِيمِ - وَقَدْ كَذَبَ، إنَّمَا حَقُّ الْمُتَعَلِّمِ فِي التَّلْقِينِ فَقَطْ، لَا فِي مُصْحَفِ النَّاسِ أَصْلًا، إذْ لَمْ يُوجِبْهُ قُرْآنٌ، وَلَا سُنَّةٌ، وَلَا إجْمَاعٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute