للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنْ إجْمَاعِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - فَكَيْفَ اسْتَجَازُوا خِلَافَهُمْ لِظَنٍّ فَاسِدٍ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ.

ثُمَّ لَيْتَ شِعْرِي: مَا الَّذِي حَدَثَ مِمَّا لَمْ يَكُنْ، وَاَللَّهِ لَقَدْ كَانَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمُنَافِقُونَ - الَّذِينَ هُمْ شَرُّ خَلْقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ - وَالْكُفَّارُ، وَالزُّنَاةُ، وَالسُّرَّاقُ، وَالْكَذَّابُونَ، فَمَا نَدْرِي مَا الَّذِي حَدَثَ، وَحَاشَ لِلَّهِ تَعَالَى أَنْ يَحْدُثَ شَيْءٌ بِغَيْرِ الشَّرِيعَةِ.

وَنَحْنُ نَشْهَدُ بِشَهَادَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: أَنَّهُ تَعَالَى لَوْ أَرَادَ أَنْ لَا يُقْبَلَ أَحَدٌ مِمَّنْ ذَكَرْنَا لِمَنْ شَهِدَ لَهُ لَبَيَّنَهُ وَمَا أَغْفَلَهُ - فَظَهَرَ فَسَادُ قَوْلِ مُخَالِفِينَا بِيَقِينٍ لَا مِرْيَةَ فِيهِ.

وَأَعْجَبُ شَيْءٍ أَنَّهُمْ أَجَازُوا الْأَخَ لِأَخِيهِ وَالزُّهْرِيُّ يَحْكِي عَنْ الْمُتَأَخِّرِينَ اتِّهَامَهُمْ لَهُ، فَقَدْ خَالَفُوا مَنْ تَقَدَّمَ وَمَنْ تَأَخَّرَ، وَكَفَى بِهَذَا شُنْعَةً -. وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

[مَسْأَلَةٌ الشَّهَادَة عَلَى الْعَدُوّ]

١٧٩٤ - مَسْأَلَةٌ: وَمَنْ شَهِدَ عَلَى عَدُوِّهِ نُظِرَ، فَإِنْ كَانَ تُخْرِجُهُ عَدَاوَتُهُ لَهُ إلَى مَا لَا يَحِلُّ فَهِيَ جُرْحَةٌ فِيهِ تَرُدُّ شَهَادَتَهُ لِكُلِّ أَحَدٍ، وَفِي كُلِّ شَيْءٍ - وَإِنْ كَانَ لَا تُخْرِجُهُ عَدَاوَتُهُ إلَى مَا لَا يَحِلُّ فَهُوَ عَدْلٌ يُقْبَلُ عَلَيْهِ - وَهَذَا قَوْلُ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَأَصْحَابِنَا.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الْأَجِيرِ لِمَنْ اسْتَأْجَرَهُ فِي شَيْءٍ أَصْلًا - وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ.

وَقَالَ مَالِكٌ كَذَلِكَ، إلَّا أَنْ يَكُونَ عَدْلًا مُبَرَّزًا فِي الْعَدَالَةِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي عِيَالِهِ فَلَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ لَهُ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الْأَجِيرِ لِمَنْ اسْتَأْجَرَهُ فِيمَا اسْتَأْجَرَهُ فِيهِ خَاصَّةً، وَتَجُوزُ لَهُ فِيمَا عَدَا ذَلِكَ - وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَأَبِي ثَوْرٍ.

وَكَذَلِكَ قَالُوا: فِي الْوَكِيلِ سَوَاءً سَوَاءً.

وَقَالَ مَالِكٌ: إنْ كَانَ مُنْضَافًا إلَيْهِ لَمْ يُقْبَلْ لَهُ، وَلَمْ تَجُزْ شَهَادَةُ الْعَدُوِّ عَلَى عَدُوِّهِ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَمَالِكٌ: لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْخَصْمِ، لَا لِلَّذِي وَكَّلَهُ، وَلَا لِلَّذِي وُكِّلَ عَلَى أَنْ يُخَاصِمَهُ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيُّ: تَجُوزُ شَهَادَةُ الْفُقَرَاءِ وَالسُّؤَّالِ

<<  <  ج: ص:  >  >>