للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهَذَا مِمَّا خَالَفَ فِيهِ الْمَالِكِيُّونَ صَحَابَةً لَا يُعْرَفُ لَهُمْ مِنْ الصَّحَابَةِ مُخَالِفٌ - وَهَذَا مِمَّا يُعَظِّمُونَهُ إذَا وَافَقَ أَهْوَاءَهُمْ؟

قَالَ عَلِيٌّ: لَا حُجَّةَ فِي كَلَامِ أَحَدٍ دُونَ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى وَرَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ} [النساء: ٣] فَلَمْ يَخُصَّ عَبْدًا مِنْ حُرٍّ، فَهُمَا سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

وَأَمَّا تَسَرِّي الْعَبْدِ -: فَإِنَّ النَّاسَ اخْتَلَفُوا، فَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، وَمَعْمَرٍ، كِلَاهُمَا عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ كَانَ يَرَى مَمَالِيكَهُ يَتَسَرَّوْنَ وَلَا يَنْهَاهُمْ.

وَمِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ لِعَبْدٍ لَهُ فِي جَارِيَةٍ لَهُ: اسْتَحِلَّهَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ.

وَلَا يُعْرَفُ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ خِلَافٌ لِهَذَيْنِ - وَهُوَ قَوْلُ الشَّعْبِيِّ، وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَعَطَاءٍ - وَصَحَّ ذَلِكَ عَنْهُمْ - وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ، وَمَا نَعْلَمُ خِلَافًا فِي ذَلِكَ مِنْ تَابِعٍ، إلَّا رِوَايَةً غَيْرَ مَشْهُورَةٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ، وَالْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ، وَرِوَايَةً صَحِيحَةً عَنْ ابْنِ سِيرِينَ أَنَّهُمْ كَرِهُوا لِلْعَبْدِ أَنْ يَتَسَرَّى كَرَاهِيَةً، لَا مَنْعًا - وَلَمْ يُجِزْ ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَلَا الشَّافِعِيُّ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهُمْ يُعَظِّمُونَ خِلَافَ الصَّاحِبِ الَّذِي لَا يُعْرَفُ لَهُ مِنْ الصَّحَابَةِ مُخَالِفٌ، وَقَدْ خَالَفُوا هَاهُنَا ابْنَ عَبَّاسٍ، وَابْنَ عُمَرَ، وَلَا يُعْرَفُ لَهُمَا مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - مُخَالِفٌ فَوَجَبَ الرُّجُوعُ إلَى الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ فَوَجَدْنَا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ} [المؤمنون: ٥] {إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ} [المؤمنون: ٦] فَلَمْ يَخُصَّ تَعَالَى حُرًّا مِنْ عَبْدٍ، وَقَدْ تَكَلَّمْنَا فِيمَا خَلَا مِنْ كِتَابِنَا عَلَى صِحَّةِ مِلْكِ الْعَبْدِ لِمَالِهِ فَأَغْنَى عَنْ تَرْدَادِهِ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

[مَسْأَلَة نِكَاح الْكِتَابِيَّة]

١٨٢١ - مَسْأَلَةٌ: وَجَائِزٌ لِلْمُسْلِمِ نِكَاحُ الْكِتَابِيَّةِ، وَهِيَ الْيَهُودِيَّةُ، وَالنَّصْرَانِيَّةُ، وَالْمَجُوسِيَّةُ، بِالزَّوَاجِ.

وَلَا يَحِلُّ لَهُ وَطْءُ أَمَةٍ غَيْرِ مُسْلِمَةٍ بِمِلْكِ الْيَمِينِ، وَلَا نِكَاحُ كَافِرَةٍ غَيْرِ كِتَابِيَّةٍ أَصْلًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>