للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ {وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ} [الأعراف: ٨٥] وَمَنْ مَنَعَ أَحَدًا نَفَقَتَهُ الْوَاجِبَةَ لَهُ فَقَدْ بَخَسَ شَيْئًا هُوَ لَهُ - وَأَمَّا الزَّوْجَةُ وَأُمُّ الْوَلَدِ فَلَيْسَتَا مَالًا مِنْ مَالِهِ لَكِنَّ حَقَّهُمَا فِي مَالِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَحَقُّهُمَا فِي مَالِ أَنْفُسِهِمَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا مَالٌ فَحَقُّهُمَا فِي سَهْمِ الْمَسَاكِينِ وَالْفُقَرَاءِ مِنْ الصَّدَقَاتِ بِنَصِّ الْقُرْآنِ لِأَنَّهُمَا حِينَئِذٍ مِنْ جُمْلَةِ الْمَسَاكِينِ أَوْ الْفُقَرَاءِ، يُعْلَمُ ذَلِكَ بِالْمُشَاهَدَةِ، فَأَيُّ وَجْهٍ لِلطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ هَاهُنَا؟ لَوْ أَنْصَفَ الْمُعَانِدُونَ أَنْفُسَهُمْ؟ .

[مَسْأَلَةٌ نَفَقَة حَيَوَانِهِ كُلِّهِ أَوْ تَسْرِيحِهِ لِلرَّعْيِ]

١٩٢٨ - مَسْأَلَةٌ: وَيُجْبَرُ أَيْضًا عَلَى نَفَقَةِ حَيَوَانِهِ كُلِّهِ أَوْ تَسْرِيحِهِ لِلرَّعْيِ إنْ كَانَ يَعِيشُ مِنْ الْمَرْعَى إنْ أَبَى بِيعَ عَلَيْهِ كُلُّ ذَلِكَ.

بُرْهَانُ ذَلِكَ -: مَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ نا مُوسَى نا أَبُو عَوَانَةَ نا عَبْدُ الْمَلِكِ عَنْ وَرَّادٍ - كَاتِبِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ - قَالَ: كَتَبَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ إلَى مُعَاوِيَةَ «أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَنْهَى عَنْ قِيلَ وَقَالَ، وَكَثْرَةِ السُّؤَالِ، وَإِضَاعَةِ الْمَالِ» وَذَكَرَ الْحَدِيثَ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: فَإِضَاعَةُ الْمَالِ حَرَامٌ وَإِثْمٌ، وَعُدْوَانٌ، بِلَا خِلَافٍ، وَمَنْعُ الْمَرْءِ حَيَوَانُهُ مِمَّا فِيهِ مَعَاشُهُ، أَوْ إصْلَاحُهُ إضَاعَةٌ لِمَالِهِ، فَالْوَاجِبُ مَنْعُهُ مِنْ ذَلِكَ، لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: ٢] .

وَالْإِحْسَانُ إلَى الْحَيَوَانِ بِرٌّ وَتَقْوَى، فَمَنْ لَمْ يُعِنْ عَلَى إصْلَاحِهِ فَقَدْ أَعَانَ عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ، وَعَصَى اللَّهَ تَعَالَى.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يُبَاعُ عَلَيْهِ حَيَوَانُهُ، لَكِنْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُؤْمَرُ بِالْإِحْسَانِ إلَيْهِ فَقَطْ، وَلَا يُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهَذَا ضَلَالٌ ظَاهِرٌ - كَمَا ذَكَرْنَا - وَاحْتَجَّ لَهُ بَعْضُ مُقَلَّدِيهِ بِضَلَالٍ آخَرَ قَالَ: لَا يُجْبَرُ عَلَى حِفْظِ مَالِهِ إذَا أَرَادَ إضَاعَتَهُ، كَمَا لَا يُجْبَرُ عَلَى سَقْيِ نَخْلِهِ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهَذَا عَجَبٌ آخَرُ، بَلْ يُجْبَرُ عَلَى سَقْيِ النَّخْلِ إنْ كَانَ فِي تَرْكِ سَقْيِهِ هَلَاكُ النَّخْلِ، وَكَذَلِكَ فِي الزَّرْعِ.

بُرْهَانُ ذَلِكَ -: قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ} [البقرة: ٢٠٥] .

<<  <  ج: ص:  >  >>