للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَوَى. وَهَذَا كُلُّهُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ.

وَكُلُّ مَا ذَكَرْنَا مُسَاكَنَةٌ وَغَيْرُ مُسَاكَنَةٍ، فَإِنْ فَارَقَ تِلْكَ الْحَالَ فَقَدْ فَارَقَ مُسَاكَنَتَهُ وَقَدْ بَرَّ، وَلَا يَقْدِرُ أَحَدٌ عَلَى أَكْثَرَ، لِأَنَّ النَّاسَ مَسَاكِنُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ فِي سَاحَةِ الْأَرْضِ، وَفِي الْعَالَمِ، قَالَ تَعَالَى: {وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ} [الأنعام: ١٣] .

وَقَدْ افْتَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى الْمُهَاجِرِينَ الرِّحْلَةَ عَنْ مَكَّةَ وَدَارِ الْكُفْرِ إلَى الْمَدِينَةِ فَكَانَ مَنْ خَرَجَ مِنْهُمْ بِنَفْسِهِ قَدْ أَدَّى مَا عَلَيْهِ وَفَارَقَ وَطَنَ الْكُفْرِ وَأَكْثَرُهُمْ تَرَكَ أَهْلَهُ. وَوَلَدَهُ وَمَالَهُ بِمَكَّةَ، وَفِي دَارِ قَوْمِهِ فَلَمْ يُخْرِجْهُمْ ذَلِكَ عَنْ الْهِجْرَةِ وَمُفَارَقَةِ الْكُفَّارِ.

وَقَالَ مَالِكٌ: يَحْنَثُ حَتَّى يَرْحَلَ بِأَكْثَرِ رَحِيلِهِ - وَهَذَا خَطَأٌ لِمَا ذَكَرْنَا، وَلِأَنَّهُ قَوْلٌ بِلَا دَلِيلٍ.

وَاحْتَجَّ بَعْضُ مُقَلِّدِيهِ بِمَا رَوَى: «الْمَرْءُ مَعَ رَحْلِهِ» وَهَذَا لَا يُسْنَدُ؛ ثُمَّ لَوْ صَحَّ لَكَانَ حُجَّةً عَلَيْهِمْ، لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُرْوَ أَنَّهُ قَالَ إلَّا فِي رَحْلِ نَاقَتِهِ فَقَطْ لَا فِي رَحِيلِ مَنْزِلِهِ، بَلْ تَرَكَهُ بِمَكَّةَ بِلَا شَكٍّ، وَلَمْ يَخْرُجْ إلَّا بِجِسْمِهِ.

[مَسْأَلَةٌ حَلَفَ أَنْ لَا يَأْكُلَ طَعَامًا اشْتَرَاهُ زَيْدٌ]

١١٦٠ - مَسْأَلَةٌ

وَمَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَأْكُلَ طَعَامًا اشْتَرَاهُ زَيْدٌ فَأَكَلَ طَعَامًا اشْتَرَاهُ زَيْدٌ وَآخَرُ مَعَهُ لَمْ يَحْنَثْ.

وَكَذَلِكَ لَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَدْخُلَ دَارَ زَيْدٍ فَدَخَلَ دَارًا يُسْكِنُهَا زَيْدٌ بَكْرًا [وَكَذَلِكَ] دَارًا بَيْنَ زَيْدٍ وَغَيْرِهِ لَمْ يَحْنَثْ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ دَارًا يَسْكُنُهَا زَيْدٌ فَيَحْنَثَ، لِأَنَّ الْمَنْظُورَ إلَيْهِ فِي الْأَيْمَانِ مَا تَعَارَفَهُ أَهْلُ تِلْكَ اللُّغَةِ فِي كَلَامِهِمْ الَّذِي بِهِ حَلَفَ، وَعَلَيْهِ حَلَفَ فَقَطْ - وَلَا يُطْلَقُ عَلَى طَعَامٍ اشْتَرَاهُ زَيْدٌ وَخَالِدٌ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ زَيْدٌ، وَلَا عَلَى دَارٍ مُشْتَرَكَةٍ أَنَّهَا لِأَحَدِ مَنْ هِيَ لَهُ.

[مَسْأَلَةٌ حَلَفَ أَنْ لَا يَهَبَ لِأَحَدٍ عَشْرَةَ دَنَانِيرَ فَوَهَبَ لَهُ أَكْثَرَ]

١١٦١ - مَسْأَلَةٌ وَمَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَهَبَ لِأَحَدٍ عَشْرَةَ دَنَانِيرَ فَوَهَبَ لَهُ أَكْثَرَ حَنِثَ، إلَّا أَنْ يَنْوِيَ الْعَدَدَ الَّذِي سَمَّى فَقَطْ فَلَا يَحْنَثُ.

[مَسْأَلَةٌ حَلَفَ أَنْ لَا يَجْمَعَهُ مَعَ فُلَانٍ سَقْفٌ]

١١٦٢ - مَسْأَلَةٌ

وَمَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَجْمَعَهُ مَعَ فُلَانٍ سَقْفٌ فَدَخَلَ بَيْتًا فَوَجَدَهُ فِيهِ وَلَمْ يَكُنْ عَرَفَ إذْ دَخَلَ أَنَّهُ فِيهِ لَمْ يَحْنَثْ، لَكِنْ لِيَخْرُجْ مِنْ وَقْتِهِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ حَنِثَ لِمَا ذَكَرْنَا قَبْلُ مِنْ أَنَّ الْحِنْثَ لَا يَلْحَقُ إلَّا قَاصِدًا إلَيْهِ، عَالِمًا بِهِ.

[مَسْأَلَةٌ حَلَفَ أَنْ لَا يَأْكُلَ لَحْمًا أَوْ أَنْ لَا يَشْتَرِيَهُ فَاشْتَرَى شَحْمًا]

١١٦٣ - مَسْأَلَةٌ

وَمَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَأْكُلَ لَحْمًا أَوْ أَنْ لَا يَشْتَرِيَهُ فَاشْتَرَى شَحْمًا، أَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>