مَا فِي الْقُرْآنِ، وَقَدْ امْتَنَعُوا مِنْ مِثْلِ هَذَا فِي إسْقَاطِ الزَّكَاةِ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ، وَغَيْرِ ذَلِكَ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
وَأَمَّا قَوْلُنَا: إنْ أُدْرِكَ حَيًّا إلَّا أَنَّهُ فِي سَبِيلِ الْمَوْتِ السَّرِيعِ فَلَا بَأْسَ بِنَحْرِهِ وَذَبْحِهِ وَلَا بَأْسَ بِتَرْكِهِ، فَلِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ بِأَكْلِ مَا خُزِقَ، وَلَمْ يَنْهَ عَنْ ذَبْحِهِ، أَوْ نَحْرِهِ وَلَا أَمَرَ بِهِ فَهُوَ حَلَالٌ مُذَكًّى عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَأَمَّا إذَا كَانَ لَا يَمُوتُ مِنْ ذَلِكَ مَوْتَ الْمُذَكَّى فَلَا يَحِلُّ أَكْلُهُ إلَّا بِذَكَاةٍ، لِأَنَّ حُكْمَ الذَّكَاةِ إرَاحَةُ الْمُذَكَّى، وَتَعْجِيلُ الْمَوْتِ كَمَا ذَكَرْنَا مِنْ أَمْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِذَلِكَ وَسَنَذْكُرُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى حُكْمَ إرْسَالِ الْجَارِحِ.
[مَسْأَلَةٌ أَكْلُ مَا لَمْ يُسَمِّ اللَّهَ تَعَالَى عَلَيْهِ مِمَّا قُتِلَ مِنْ الصَّيْدِ]
١٠٦٩ - مَسْأَلَةٌ: وَكُلُّ مَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّذْكِيَةُ بِهِ فَلَا يَحِلُّ مَا قُتِلَ بِهِ مِنْ الصَّيْدِ، وَكُلُّ مَنْ قُلْنَا: إنَّهُ لَا يَحِلُّ أَكْلُ مَا ذَبَحَ أَوْ نَحَرَ لَمْ يَحِلَّ أَكْلُ مَا قَتَلَ مِنْ الصَّيْدِ كَغَيْرِ الْكِتَابِيِّ وَالصَّبِيِّ، وَمَنْ تَصَيَّدَ بِآلَةٍ مَأْخُوذَةٍ بِغَيْرِ حَقٍّ. وَكُلُّ مَنْ قُلْنَا: إنَّهُ يَحِلُّ أَكْلُ مَا ذَبَحَ أَوْ نَحَرَ أُكِلَ مَا قَتَلَ مِنْ الصَّيْدِ كَالْكِتَابِيِّ، وَالْمَرْأَةِ، وَالْعَبْدِ، وَغَيْرِهِمْ، وَلَا يَحِلُّ أَكْلُ مَا لَمْ يُسَمِّ اللَّهَ تَعَالَى عَلَيْهِ مِمَّا قُتِلَ مِنْ الصَّيْدِ بِعَمْدٍ، أَوْ بِنِسْيَانٍ لِأَنَّ الصَّيْدَ ذَكَاةٌ، وَقَدْ ذَكَرْنَا بُرْهَانَ ذَلِكَ -: فِي كَلَامِنَا فِي كِتَابِ التَّذْكِيَةِ آنِفًا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. وَكَرِهَ بَعْضُ النَّاسِ أَكْلَ مَا قَتَلَهُ الْكِتَابِيُّونَ مِنْ الصَّيْدِ - وَهَذَا بَاطِلٌ لِأَنَّ الصَّيْدَ ذَكَاةٌ، وَقَدْ أَبَاحَ اللَّهُ تَعَالَى لَنَا مَا ذَكَّوْا وَلَمْ يَخُصَّ ذَبِيحَةً مِنْ نَحِيرَةٍ مِنْ صَيْدٍ {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [مريم: ٦٤] . وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ} [الأنعام: ١١٩] وَلَمْ يُفَصِّلْ لَنَا تَحْرِيمَ هَذَا، فَلَوْ كَانَ حَرَامًا لَفَصَّلَ لَنَا تَحْرِيمَهُ، فَإِذْ لَمْ يُفَصِّلْ لَنَا تَحْرِيمَهُ فَهُوَ حَلَالٌ مَحْضٌ. فَإِنْ مَوَّهُوا بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ} [المائدة: ٩٤] . قُلْنَا: وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {إِلا مَا ذَكَّيْتُمْ} [المائدة: ٣] فَحَرَّمُوا بِهَذِهِ الْآيَةِ أَكْلَ مَا ذَبَحُوا إذًا، وَإِلَّا فَقَدْ تَنَاقَضْتُمْ وقَوْله تَعَالَى: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} [المائدة: ٥] زَائِدٌ عَلَى مَا فِي هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ، فَالْأَخْذُ بِهِ وَاجِبٌ. وَقَوْلُنَا هَهُنَا - هُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ، وَاللَّيْثِ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَالثَّوْرِيِّ، وَأَبِي حَنِيفَةَ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute