وَجَلَّ: {وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ} [النور: ٣٢] وَالصَّغِيرُ لَا يُوصَفُ بِصَلَاحٍ فِي دِينِهِ وَلَا يَدْخُلُ فِي الصَّالِحِينَ، وَكُلُّ مُسْلِمٍ فَهُوَ مِنْ الصَّالِحِينَ بِقَوْلِ: لَا إلَه إلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
[مَسْأَلَة إذْن الْوَصِيّ فِي النِّكَاح]
١٨٢٩ - مَسْأَلَةٌ: وَلَا إذْنَ لِلْوَصِيِّ فِي إنْكَاحٍ أَصْلًا، لَا لِرَجُلٍ، وَلَا لِامْرَأَةٍ: صَغِيرَيْنِ كَانَا، أَوْ كَبِيرَيْنِ، لِأَنَّ الصَّغِيرَيْنِ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ الذَّكَرَ مِنْهُمَا لَا يَجُوزُ أَنْ يُنْكِحَهُ أَبٌ وَلَا غَيْرُهُ وَأَنَّ الْأُنْثَى مِنْهُمَا لَا يَجُوزُ أَنْ يُنْكِحَهَا إلَّا الْأَبُ وَحْدَهُ، وَأَمَّا الْكَبِيرَانِ فَلَا يَخْلُوَانِ مِنْ أَنْ يَكُونَا مَجْنُونَيْنِ أَوْ عَاقِلَيْنِ.
فَإِنْ كَانَا مَجْنُونَيْنِ فَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّهُ لَا يُنْكِحُهَا أَحَدٌ، لَا أَبٌ وَلَا غَيْرُهُ.
وَأَمَّا الْعَاقِلَانِ الْبَالِغَانِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِمَا وَصِيٌّ عَلَى مَا بَيَّنَّا فِي " كِتَابِ الْحَجْرِ " فَأَغْنَى عَنْ إعَادَتِهِ.
وَمِمَّنْ قَالَ: لَا مَدْخَلَ لِلْوَصِيِّ فِي الْإِنْكَاحِ: أَبُو حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو سُلَيْمَانَ، وَأَصْحَابُهُمْ - فَإِنْ مَوَّهَ مُمَوِّهٌ بِالْخَبَرِ الَّذِي رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَبِيبَةَ عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ مَنَعَ يَتِيمًا لَهُ النِّكَاحَ فَزَنَى فَالْإِثْمُ بَيْنَهُمَا» ؟ قُلْنَا: هَذَا مُرْسَلٌ وَلَا حُجَّةَ فِي مُرْسَلٍ -.
وَأَيْضًا فَهُوَ مِنْ رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَبِيبَةَ وَهُوَ ضَعِيفٌ.
وَأَيْضًا: فَلَيْسَ فِيهِ لِلْوَصِيِّ ذِكْرٌ - وَقَدْ يَكُونُ أَرَادَ سَيِّدَ الْعَشِيرَةِ يَمْنَعُ يَتِيمًا مِنْ قَوْمِهِ النِّكَاحَ ظُلْمًا.
[مَسْأَلَة أَوْصَى إذَا مَاتَ أَنْ تُزَوَّجَ ابْنَتُهُ الْبِكْرُ الصَّغِيرَةُ أَوْ الْبَالِغُ]
١٨٣٠ - مَسْأَلَةٌ: وَمَنْ أَوْصَى إذَا مَاتَ أَنْ تُزَوَّجَ ابْنَتُهُ الْبِكْرُ الصَّغِيرَةُ أَوْ الْبَالِغُ فَهِيَ وَصِيَّةٌ فَاسِدَةٌ لَا يَجُوزُ إنْفَاذُهَا.
بُرْهَانُ ذَلِكَ -: أَنَّ الصَّغِيرَةَ إذَا مَاتَ أَبُوهَا صَارَتْ يَتِيمَةً وَقَدْ جَاءَ النَّصُّ بِأَنْ لَا تُنْكَحَ الْيَتِيمَةُ حَتَّى تُسْتَأْذَنَ، وَأَمَّا الْكَبِيرَةُ فَلَيْسَ لِأَبِيهَا أَنْ يُزَوِّجَهَا فِي حَيَاتِهِ بِغَيْرِ إذْنِهَا فَكَيْفَ بَعْدَ مَوْتِهِ.
وَقَدْ صَحَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا مَاتَ أَحَدُكُمْ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إلَّا مِنْ ثَلَاثٍ» وَلَيْسَ مِنْ تِلْكَ الثَّلَاثِ - وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ، وَأَصْحَابِهِمْ.