للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مَسْأَلَةٌ كَانَ تَحْتَ مَا لَبِسَ عَلَى الرَّأْسِ خِضَابٌ أَوْ دَوَاءٌ]

مَسْأَلَةٌ: فَلَوْ كَانَ تَحْتَ مَا لَبِسَ عَلَى الرَّأْسِ خِضَابٌ أَوْ دَوَاءٌ جَازَ الْمَسْحُ عَلَيْهِمَا كَمَا قُلْنَا وَلَا فَرْقَ، وَكَذَلِكَ لَوْ تَعَمَّدَ لِبَاسَ ذَلِكَ لِيَمْسَحَ عَلَيْهِ جَازَ الْمَسْحُ أَيْضًا، وَإِنَّمَا الْمَسْحُ الْمَذْكُورُ فِي الْوُضُوءِ خَاصَّةً، وَأَمَّا فِي كُلِّ غِسْلٍ وَاجِبٍ فَلَا، وَلَا بُدَّ مِنْ خَلْعِ كُلِّ ذَلِكَ وَغَسْلُ الرَّأْسِ. بُرْهَانُ ذَلِكَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَسَحَ عَلَى الْعِمَامَةِ وَعَلَى الْخِمَارِ» ، وَلَمْ يَخُصَّ لَنَا حَالًا مِنْ حَالٍ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُخَصُّ بِالْمَسْحِ حَالٌ دُونَ حَالٍ، وَإِذَا كَانَ الْمَسْحُ جَائِزًا فَالْقَصْدُ إلَى الْجَائِزِ جَائِزٌ، وَإِنَّمَا مَسَحَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي الْوُضُوءِ خَاصَّةً، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُضَافَ إلَى ذَلِكَ مَا لَمْ يَفْعَلْهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُزَادَ فِي السُّنَنِ مَا لَمْ يَأْتِ فِيهَا، وَلَا أَنْ يُنْقَصَ مِنْهَا مَا اقْتَضَاهُ لَفْظُ الْخَبَرِ بِهَا، وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

وَهَكَذَا يَقُولُ خُصُومُنَا فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ سَوَاءٌ سَوَاءٌ.

[مَسْأَلَةٌ تَرَكَ مِمَّا يَلْزَمُهُ غَسْلُهُ فِي الْوُضُوءِ أَوْ الْغُسْلِ]

٢٠٥ - مَسْأَلَةٌ: وَمَنْ تَرَكَ مِمَّا يَلْزَمُهُ غَسْلُهُ فِي الْوُضُوءِ أَوْ الْغُسْلِ الْوَاجِبِ وَلَوْ قَدْرَ شَعْرَةٍ عَمْدًا أَوْ نِسْيَانًا، لَمْ تُجْزِهِ الصَّلَاةُ بِذَلِكَ الْغُسْلِ وَالْوُضُوءِ حَتَّى يُوعِبَهُ كُلَّهُ، لِأَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ بِالطَّهَارَةِ الَّتِي أُمِرَ بِهَا، وَقَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» .

[مَسْأَلَةٌ نَكَسَ وُضُوءَهُ أَوْ قَدَّمَ عُضْوًا عَلَى الْمَذْكُورِ قَبْلَهُ فِي الْقُرْآنِ]

٢٠٦ - مَسْأَلَةٌ: وَمَنْ نَكَسَ وُضُوءَهُ أَوْ قَدَّمَ عُضْوًا عَلَى الْمَذْكُورِ قَبْلَهُ فِي الْقُرْآنِ عَمْدًا أَوْ نِسْيَانًا لَمْ تُجْزِهِ الصَّلَاةُ أَصْلًا، وَفُرِضَ عَلَيْهِ أَنْ يَبْدَأَ بِوَجْهِهِ ثُمَّ ذِرَاعَيْهِ ثُمَّ رَأْسِهِ ثُمَّ رِجْلَيْهِ، وَلَا بُدَّ فِي الذِّرَاعَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ مِنْ الِابْتِدَاءِ بِالْيَمِينِ قَبْلَ الْيَسَارِ كَمَا جَاءَ فِي السُّنَّةِ، فَإِنْ جَعَلَ الِاسْتِنْشَاقَ وَالِاسْتِنْثَارَ فِي آخِرِ وُضُوئِهِ أَوْ بَعْدَ عُضْوٍ مِنْ الْأَعْضَاءِ الْمَذْكُورَةِ لَمْ يُجْزِ ذَلِكَ، فَإِنْ فَعَلَ شَيْئًا مِمَّا ذَكَرْنَا لَزِمَهُ أَنْ يَعُودَ إلَى الَّذِي بَدَأَ بِهِ قَبْلَ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى قَبْلَهُ فَيَعْمَلُهُ إلَى أَنْ يُتِمَّ وُضُوءَهُ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَبْتَدِئَ مِنْ أَوَّلِ الْوُضُوءِ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي ثَوْرٍ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقَ، فَإِنْ انْغَمَسَ فِي مَاءٍ جَارٍ وَهُوَ جُنُبٌ وَنَوَى الْغُسْلَ وَالْوُضُوءَ مَعًا لَمْ يُجْزِهِ ذَلِكَ مِنْ الْوُضُوءِ وَلَا مِنْ الْغُسْلِ، وَعَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ مُرَتَّبًا، وَهُوَ قَوْلُ إِسْحَاقَ.

بُرْهَانُ ذَلِكَ مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ ثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ثنا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ ثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ هَارُونَ الْبَلْخِيُّ ثنا حَاتِمُ بْنُ إسْمَاعِيلَ ثنا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: «دَخَلْنَا عَلَى جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ فَقُلْتُ: أَخْبِرْنِي عَنْ حَجَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَالَ جَابِرٌ خَرَجْنَا

<<  <  ج: ص:  >  >>