للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنَّهُ يَنْزِعُ مَا عَلَى الرِّجْلِ الْأُخْرَى وَيَغْسِلُهُمَا، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ.

قَالَ عَلِيٌّ: فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ فَوَجَدْنَا نَصَّ حُكْمِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنَّهُ مَسَحَ عَلَيْهِمَا لِأَنَّهُ أَدْخَلَهُمَا طَاهِرَتَيْنِ.

وَأَمَرَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِغَسْلِ الْقَدَمَيْنِ الْمَكْشُوفَتَيْنِ فَكَانَ هَذَانِ النَّصَّانِ لَا يَحِلُّ الْخُرُوجُ عَنْهُمَا.

وَوَجَدْنَا مَنْ غَسَلَ رِجْلًا وَمَسَحَ عَلَى الْأُخْرَى قَدْ عَمِلَ عَمَلًا لَمْ يَأْتِ بِهِ قُرْآنٌ وَلَا سُنَّةٌ وَلَا دَلِيلَ مِنْ لَفْظَيْهِمَا.

وَلَا يَجُوزُ فِي الدِّينِ إلَّا مَا وُجِدَ فِي كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ كَلَامِ نَبِيِّهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -.

فَوَجَبَ أَنْ لَا يُجْزِئَ غَسْلُ رِجْلٍ وَمَسْحٌ عَلَى الْأُخْرَى. وَأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ غُسْلِهِمَا أَوْ الْمَسْحِ عَلَيْهِمَا. سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ فِي الِابْتِدَاءِ أَوْ بَعْدَ الْمَسْحِ عَلَيْهِمَا.

وَقَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغِيثٍ قَالَ: ثنا أَبُو عِيسَى بْنُ أَبِي عِيسَى ثنا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ ثنا ابْنُ وَضَّاحٍ ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إدْرِيسَ - هُوَ الْأَوْدِيُّ - عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ - هُوَ الْمَقْبُرِيُّ - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا لَبِسَ أَحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ بِالْيُمْنَى وَإِذَا خَلَعَهُ فَلْيَبْدَأْ بِالْيُسْرَى، وَلَا يَمْشِي فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ وَلَا خُفٍّ وَاحِدَةٍ، لِيَخْلَعْهُمَا جَمِيعًا أَوْ لِيَمْشِ فِيهِمَا جَمِيعًا» . فَأَوْجَبَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - خَلْعَهُمَا وَلَا بُدَّ أَوْ تَرْكَهُمَا جَمِيعًا، فَإِنْ خَلَعَ إحْدَاهُمَا دُونَ الْأُخْرَى فَقَدْ عَصَى اللَّهَ فِي إبْقَائِهِ الَّذِي أَبْقَى، وَإِذَا كَانَ بِإِبْقَائِهِ عَاصِيًا فَلَا يَحِلُّ لَهُ الْمَسْحُ عَلَى خُفٍّ فَرْضُهُ نَزْعُهُ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ لِعِلَّةٍ بِرِجْلِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ فِي تِلْكَ الرِّجْلِ شَيْءٌ أَصْلًا، لَا مَسْحٌ وَلَا غَسْلٌ، لِأَنَّ فَرْضَهُ قَدْ سَقَطَ.

وَوَجَدْنَا بَعْضَ الْمُوَافِقِينَ لَنَا قَدْ احْتَجَّ فِي هَذَا بِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَجُزْ عِنْدَ أَحَدٍ ابْتِدَاءُ الْوُضُوءِ بِغَسْلِ رِجْلٍ وَمَسْحٍ عَلَى خُفٍّ عَلَى أُخْرَى لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ بَعْدَ نَزْعِ أَحَدِ الْخُفَّيْنِ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهَذَا كَلَامٌ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ ابْتِدَاءَ الْوُضُوءِ يَرِدُ عَلَى رِجْلَيْنِ غَيْرِ طَاهِرَتَيْنِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْأَمْرُ بَعْدَ صِحَّةِ الْمَسْحِ عَلَيْهِمَا بَعْدَ إدْخَالِهِمَا طَاهِرَتَيْنِ.

فَبَيْنَ الْأَمْرَيْنِ أَعْظَمُ فَرْقٍ. وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

[مَسْأَلَةٌ مَسَحَ عَلَى مَا فِي رِجْلَيْهِ ثُمَّ خَلَعَهُمَا]

٢١٩ - مَسْأَلَةٌ:

وَمَنْ مَسَحَ كَمَا ذَكَرْنَا عَلَى مَا فِي رِجْلَيْهِ ثُمَّ خَلَعَهُمَا لَمْ يَضُرَّهُ ذَلِكَ شَيْئًا، وَلَا يَلْزَمُهُ إعَادَةُ وُضُوءٍ وَلَا غَسْلُ رِجْلَيْهِ، بَلْ هُوَ طَاهِرٌ كَمَا كَانَ وَيُصَلِّي كَذَلِكَ وَكَذَلِكَ لَوْ مَسَحَ عَلَى عِمَامَةٍ أَوْ خِمَارٍ ثُمَّ نَزَعَهُمَا فَلَيْسَ عَلَيْهِ إعَادَةُ وُضُوءٍ وَلَا مَسْحُ رَأْسِهِ بَلْ هُوَ طَاهِرٌ كَمَا كَانَ وَيُصَلِّي كَذَلِكَ، وَكَذَلِكَ لَوْ مَسَحَ عَلَى خُفٍّ عَلَى خُفٍّ ثُمَّ نَزَعَ

<<  <  ج: ص:  >  >>