يَطِبْ -: لِأَنَّهَا قَبْلَ أَنْ تُخْلَقَ الثَّمَرَةُ، وَقَبْلَ أَنْ تَطِيبَ لَا يَحِلُّ فِيهَا عَقْدٌ أَصْلًا إلَّا الْمُسَاقَاةُ فَقَطْ وَبَعْدَ ظُهُورِ الطِّيبِ لَا يَجُوزُ فِيهَا إلَّا الْبَيْعُ، لَا الْإِجَارَةُ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ لَا تُمْلَكُ بِهَا الْعَيْنُ وَلَا تُسْتَهْلَكُ أَصْلًا، وَالْبَيْعُ تُمْلَكُ بِهِ الْعَيْنُ وَالرَّقَبَةُ، فَهُوَ بَيْعٌ بِثَمَنٍ مَجْهُولٍ، وَإِجَارَةٌ بِثَمَنٍ مَجْهُولٍ، فَهُوَ حَرَامٌ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ؛ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ.
[مَسْأَلَةٌ إجَارَةُ الْمُشَاعِ]
١٣٢٤ - مَسْأَلَةٌ: وَإِجَارَةُ الْمُشَاعِ جَائِزَةٌ فِيمَا يَنْقَسِمُ، وَمَا لَا يَنْقَسِمُ مِنْ الشَّرِيكِ وَمِنْ غَيْرِ الشَّرِيكِ، وَمَعَ الشَّرِيكِ وَدُونَهُ - وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ، وَغَيْرِهِمْ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا تَجُوزُ إجَارَةُ الْمُشَاعِ - لَا مَا يَنْقَسِمُ وَلَا مَا لَا يَنْقَسِمُ إلَّا مِنْ الشَّرِيكِ وَحْدَهُ، وَقَالَ: لَا يَجُوزُ رَهْنُ الْمُشَاعِ - كَانَ مِمَّا يَنْقَسِمُ أَوْ مِمَّا لَا يَنْقَسِمُ - لَا عِنْدَ الشَّرِيكِ فِيهِ وَلَا عِنْدَ غَيْرِهِ. فَإِنْ ارْتَهَنَ اثْنَانِ مَعًا رَهْنًا مِنْ وَاحِدٍ جَازَ ذَلِكَ، وَقَالَ: لَا تَجُوزُ هِبَةُ الْمُشَاعِ إنْ كَانَ مِمَّا يَنْقَسِمُ كَالدُّورِ وَالْأَرَضِينَ، وَيَجُوزُ فِيمَا لَا يَنْقَسِمُ كَالسَّيْفِ، وَاللُّؤْلُؤَةِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ.
وَأَجَازَ بَيْعَ الْمُشَاعِ - مَا انْقَسَمَ وَمَا لَا يَنْقَسِمُ - مِنْ الشَّرِيكِ وَغَيْرِ الشَّرِيكِ وَلَمْ يُجِزْ زُفَرُ إجَارَةَ الْمُشَاعِ - لَا مِنْ الشَّرِيكِ وَلَا مِنْ غَيْرِهِ.
وَهَذِهِ تَقَاسِيمُ فِي غَايَةِ الْفَسَادِ وَالدَّعْوَى بِالْبَاطِلِ وَالتَّنَاقُضِ بِلَا دَلِيلٍ أَصْلًا، وَلَا نَعْلَمُهَا عَنْ أَحَدٍ قَبْلَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَلَا حُجَّةَ لَهُمْ فِي ذَلِكَ إلَّا أَنْ قَالُوا: الِانْتِفَاعُ بِالْمُشَاعِ غَيْرُ مُمْكِنٍ إلَّا بِالْمُهَايَأَةِ، وَفِي ذَلِكَ انْتِفَاعٌ بِحِصَّةِ شَرِيكِهِ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهَذَا دَاخِلٌ عَلَيْهِمْ فِي الْبَيْعِ وَفِي التَّمَلُّكِ، وَلَا فَرْقَ، وَأَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْمُؤَاجَرَةِ، وَلَمْ يَخُصَّ مُشَاعًا مِنْ غَيْرِ مُشَاعٍ {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} [النجم: ٣] {إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: ٤] . وَ {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [مريم: ٦٤] وَقَدْ تَمَّ الدِّينُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ، وَنَحْنُ فِي غِنًى عَنْ رَأْيِ أَبِي حَنِيفَةَ وَغَيْرِهِ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
[مَسْأَلَةٌ لَا ضَمَانَ عَلَى أَجِيرٍ مُشْتَرَكٍ أَوْ غَيْرِ مُشْتَرَكٍ]
١٣٢٥ - مَسْأَلَةٌ: وَلَا ضَمَانَ عَلَى أَجِيرٍ مُشْتَرَكٍ أَوْ غَيْرِ مُشْتَرَكٍ، وَلَا عَلَى صَانِعٍ أَصْلًا، وَلَا مَا ثَبَتَ أَنَّهُ تَعَدَّى فِيهِ أَوْ أَضَاعَهُ - وَالْقَوْلُ فِي كُلِّ ذَلِكَ - مَا لَمْ تَقُمْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ - قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ، فَإِنْ قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِالتَّعَدِّي، أَوْ الْإِضَاعَةِ ضَمِنَ، وَلَهُ فِي كُلِّ ذَلِكَ الْأُجْرَةُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute