للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِيمَا أَثْبَتَ أَنَّهُ كَانَ عَمِلَهُ، فَإِنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ حَلَفَ صَاحِبُ الْمَتَاعِ أَنَّهُ مَا يَعْلَمُ أَنَّهُ عَمِلَ مَا يَدَّعِي أَنَّهُ عَمِلَهُ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ.

وَبُرْهَانُ ذَلِكَ -: قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [النساء: ٢٩] فَمَالُ الصَّانِعِ وَالْأَجِيرِ حَرَامٌ عَلَى غَيْرِهِ، فَإِنْ اعْتَدَى أَوْ أَضَاعَ لَزِمَهُ حِينَئِذٍ أَنْ يُعْتَدَى عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى، وَالْإِضَاعَةُ لِمَا يَلْزَمُهُ حِفْظُهُ تَعَدٍّ وَهُوَ مُلْزَمٌ حِفْظَ مَا اُسْتُعْمِلَ فِيهِ بِأَجْرٍ أَوْ بِغَيْرِ أَجْرٍ، لِنَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ إضَاعَةِ الْمَالِ وَحُكْمِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِالْبَيِّنَةِ عَلَى مَنْ ادَّعَى عَلَى الْمَطْلُوبِ إذَا أَنْكَرَ، وَمَنْ طُلِبَ بِغَرَامَةِ مَالٍ أَوْ اُدُّعِيَ عَلَيْهِ مَا يُوجِبُ غَرَامَةً فَهُوَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا الْيَمِينُ بِحُكْمِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَالْبَيِّنَةُ عَلَى مَنْ يَدَّعِي لِنَفْسِهِ حَقًّا فِي مَالِ غَيْرِهِ.

وَقَدْ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي هَذَا، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ كَمَا قُلْنَا -: رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ قَالَ: لَا يَضْمَنُ الصَّائِغُ، وَلَا الْقَصَّارُ، أَوْ قَالَ الْخَيَّاطُ، وَأَشْبَاهُهُ.

وَمِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ نا جَبَلَةُ بْنُ عَطِيَّةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهَبٍ قَالَ فِي حَمَّالٍ اُسْتُؤْجِرَ لِحَمْلِ قُلَّةِ عَسَلٍ فَانْكَسَرَتْ قَالَ: لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ.

وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ نا أَزْهَرُ السَّمَّانُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْنٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ أَنَّهُ كَانَ لَا يَضْمَنُ الْأَجِيرُ إلَّا مِنْ تَضْيِيعٍ.

وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ سَالِمٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ قَالَ: لَيْسَ عَلَى أَجِيرِ الْمُشَاهَرَةِ ضَمَانٌ.

وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ نا وَكِيعٌ نا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ طَرِيفٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ قَالَ: لَا يَضْمَنُ الْقَصَّارُ إلَّا مَا جَنَتْ يَدُهُ.

وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ نا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ مُطَرِّفٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ قَالَ: يَضْمَنُ الصَّانِعُ مَا أَعْنَتَ بِيَدِهِ، وَلَا يَضْمَنُ مَا سِوَى ذَلِكَ.

وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ عَنْ أَشْعَثَ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ شُرَيْحٍ أَنَّهُ كَانَ لَا يَضْمَنُ الْمَلَّاحُ غَرَقًا وَلَا حَرَقًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>