كَانَ، فَكَيْفَ يَسْتَحِلُّونَ أَنْ يُصَحِّحُوا النَّهْيَ وَيَدَّعُوا أَنَّهُ لِعِلَّةٍ يَذْكُرُونَهَا -: ثُمَّ يُبِيحُونَ مَا صَحَّ النَّهْيُ عَنْهُ هَذَا أَمْرٌ مَا نَدْرِي كَيْفَ هُوَ وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ الْبَلَاءِ وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّهُ قَالَ: لَا تُصَلُّوا فِي أَعْطَانِ الْإِبِلِ. وَسُئِلَ مَالِكٌ عَمَّنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا عَطَنَ إبِلٍ قَالَ: لَا يُصَلِّي فِيهِ، قَالَ: فَإِنْ بَسَطَ عَلَيْهِ ثَوْبًا قَالَ: لَا، أَيْضًا. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: مَنْ صَلَّى فِي عَطَنِ إبِلٍ أَعَادَ أَبَدًا، فَإِنْ قِيلَ: فَإِنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: «فَإِنَّهَا خُلِقَتْ مِنْ الشَّيَاطِينِ» . قُلْنَا: نَعَمْ، هَذَا حَقّ، وَنَحْنُ نُقِرُّ بِهَذَا، وَلَا اعْتِرَاضَ فِي هَذَا عَلَى نَهْيِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَنْ الصَّلَاةِ فِي أَعْطَانِهَا قَالَ عَلِيٌّ: وَالْبَعِيرُ وَالْبَعِيرَانِ لَا يُشَكُّ فِي أَنَّ الْمَوْضِعَ الْمُتَّخَذَ لِمَبْرَكِهِمَا أَوْ لِمَبْرَكِ أَحَدِهِمَا دَاخِلٌ فِي جُمْلَةِ مَبَارِكِ الْإِبِلِ وَعَطَنِ الْإِبِلِ، وَكُلُّ عَطَنٍ فَهُوَ مَبْرَكٌ. وَلَيْسَ كُلُّ مَبْرَكٍ عَطَنًا؛ لِأَنَّ الْعَطَنَ هُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي تُنَاخُ فِيهِ عِنْدَ وُرُودِهَا الْمَاءَ فَقَطْ، وَالْمَبْرَكُ أَعَمُّ؛ لِأَنَّهُ الْمَوْضِعُ الْمُتَّخَذُ لِبُرُوكِهَا فِي كُلِّ حَالٍ. وَإِذَا سَقَطَ عَنْ الْعَطَنِ وَالْمَبْرَكِ اسْمُ عَطَنٍ وَمَبْرَكٍ فَلَيْسَ عَطَنًا وَلَا مَبْرَكًا؛ فَالصَّلَاةُ فِيهِ جَائِزَةٌ. فَأَمَّا قَوْلُنَا: عَالِمًا كَانَ أَوْ غَيْرَ عَالَمٍ؛ فَلِأَنَّهُ أَتَى بِالصَّلَاةِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا وَمَكَانِهَا، وَالصَّلَاةُ لَا تَصِحُّ إلَّا فِي زَمَانٍ وَمَكَانٍ مَحْدُودَيْنِ، فَإِذَا لَمْ تُؤَدَّ فِي مَكَانِهَا وَزَمَانِهَا فَلَيْسَتْ هِيَ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا، بَلْ هِيَ غَيْرُهَا. وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
[مَسْأَلَةٌ الصَّلَاةُ فِي حَمَّامٍ وَمَقْبَرَةٍ]
٣٩٣ - مَسْأَلَةٌ: وَلَا تَحِلُّ الصَّلَاةُ فِي حَمَّامٍ، سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ مَبْدَأُ بَابِهِ إلَى مُنْتَهَى جَمِيعِ حُدُودِهِ، وَلَا عَلَى سَطْحِهِ، وَمُسْتَوْقَدِهِ، وَسَقْفِهِ، وَأَعَالِي حِيطَانِهِ، خَرِبًا كَانَ أَوْ قَائِمًا: فَإِنْ سَقَطَ مِنْ بِنَائِهِ شَيْءٌ فَسَقَطَ عَنْهُ اسْمُ " حَمَّامٍ " جَازَتْ الصَّلَاةِ فِي أَرْضِهِ حِينَئِذٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute