فَصَحَّ أَنَّ فَرْضًا عَلَيْهِ أَنْ يُغَيِّرَ كُلَّ مُنْكَرٍ عَلِمَهُ بِيَدِهِ، وَأَنْ يُعْطِيَ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، وَإِلَّا فَهُوَ ظَالِمٌ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
[مَسْأَلَة رُجُوع الشَّاهِد عَنْ شَهَادَته]
١٨٠١ - مَسْأَلَةٌ: وَإِذَا رَجَعَ الشَّاهِدُ عَنْ شَهَادَتِهِ بَعْدَ أَنْ حَكَمَ بِهَا، أَوْ قَبْلَ أَنْ يَحْكُمَ بِهَا فُسِخَ مَا حَكَمَ بِهَا فِيهِ، فَلَوْ مَاتَ، أَوْ جُنَّ، أَوْ تَغَيَّرَ - بَعْدَ أَنْ شَهِدَ قَبْلَ أَنْ يَحْكُمَ بِشَهَادَتِهِ، أَوْ بَعْدَ أَنْ حَكَمَ بِهَا - نَفَذَتْ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَلَمْ تُرَدَّ.
قَالَ عَلِيٌّ: أَمَّا مَوْتُهُ وَجُنُونُهُ وَتَغَيُّرُهُ فَقَدْ تَمَّتْ الشَّهَادَةُ صَحِيحَةً، وَلَمْ يُوجِبْ فَسْخَهَا بَعْدَ ثُبُوتِهَا مَا حَدَثَ بَعْدَ ذَلِكَ.
وَأَمَّا رُجُوعُهُ عَنْ شَهَادَتِهِ: فَلَوْ أَنَّ عَدْلَيْنِ شَهِدَا بِجُرْحَتِهِ حِينَ شَهِدَ لَوَجَبَ رَدُّ مَا شَهِدَ بِهِ، وَإِقْرَارُهُ عَلَى نَفْسِهِ بِالْكَذِبِ أَوْ الْغَفْلَةِ أَثْبَتُ عَلَيْهِ مِنْ شَهَادَةِ غَيْرِهِ عَلَيْهِ بِذَلِكَ -.
وَقَوْلُنَا هُوَ قَوْلُ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ.
[مَسْأَلَة حُكْم أَدَاء الشَّهَادَة]
١٨٠٢ - مَسْأَلَةٌ: وَأَدَاءُ الشَّهَادَةِ فَرْضٌ عَلَى كُلِّ مَنْ عَلِمَهَا، إلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ حَرَجٌ فِي ذَلِكَ لِبُعْدِ مَشَقَّةٍ، أَوْ لِتَضْيِيعِ مَالٍ، أَوْ لِضَعْفٍ فِي جِسْمِهِ، فَلْيُعْلِنْهَا فَقَطْ.
قَالَ تَعَالَى: {وَلا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا} [البقرة: ٢٨٢]
فَهَذَا عَلَى عُمُومِهِ إذَا دُعُوا لِلشَّهَادَةِ، أَوْ دُعُوا لِأَدَائِهَا.
وَلَا يَجُوزُ تَخْصِيصُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ بِغَيْرِ نَصٍّ، فَيَكُونُ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ قَائِلًا عَلَى اللَّهِ تَعَالَى مَا لَا عِلْمَ لَهُ بِهِ.
[مَسْأَلَة إذَا لَمْ يَعْرِف الْحَاكِم الشُّهُود]
١٨٠٣ - مَسْأَلَةٌ: فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ الْحَاكِمُ الشُّهُودَ سَأَلَ عَنْهُمْ، وَأَخْبَرَ الْمَشْهُودَ بِمَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ، وَكَلَّفَ الْمَشْهُودَ لَهُ أَنْ يُعَرِّفَهُ بِعَدَالَتِهِمْ.
وَقَالَ لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ: اُطْلُبْ مَا تَرُدُّ بِهِ شَهَادَتَهُمْ عَنْ نَفْسِك، فَإِنْ ثَبَتَ عِنْدَهُ عَدَالَتُهُمْ قَضَى بِهِمْ وَلَمْ يَتَرَدَّدْ لِمَا ذَكَرْنَا قَبْلُ وَإِنْ جُرِّحُوا قَبْلَ الْحُكْمِ لَمْ يَحْكُمْ بِشَهَادَتِهِمْ، وَإِنْ جُرِّحُوا عِنْدَهُ بَعْدَ الْحُكْمِ بِشَهَادَتِهِمْ فَسَخَ مَا حَكَمَ بِهِ بِشَهَادَتِهِمْ؛ لِأَنَّهُ مُفْتَرَضٌ عَلَيْهِ رَدُّ خَبَرِ الْفَاسِقِ، وَإِنْفَاذُ شَهَادَةِ الْعَدْلِ وَالتَّبَيُّنُ فِيمَا لَا يُدْرَى حَتَّى يُدْرَى - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
[مَسْأَلَة تولي الْمَرْأَة الْحُكْمِ]
١٨٠٤ - مَسْأَلَةٌ: وَجَائِزٌ أَنْ تَلِيَ الْمَرْأَةُ الْحُكْمَ - وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: أَنَّهُ وَلَّى الشِّفَاءَ امْرَأَةً مِنْ قَوْمِهِ السُّوقَ.