سَقَطَ وَتَأَدَّى، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَعُودَ فَرْضُهُ بِذَلِكَ؛ إلَّا بِنَصٍّ وَلَا نَصَّ هَاهُنَا أَصْلًا بِعَوْدَتِهِ - وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ عَائِدًا لَبَيَّنَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - ذَلِكَ؛ إذْ قَدْ يَقْوَى الشَّيْخُ فَيُطِيقُ الرُّكُوبَ؛ فَإِذْ لَمْ يُخْبِرْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ عَوْدَةُ الْفَرْضِ عَلَيْهِ بَعْدَ صِحَّةِ تَأَدِّيهِ عَنْهُ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. ٨١٧ - مَسْأَلَةٌ:
وَسَوَاءٌ مَنْ بَلَغَ وَهُوَ عَاجِزٌ عَنْ الْمَشْيِ وَالرُّكُوبِ، أَوْ مَنْ بَلَغَ مُطِيقًا ثُمَّ عَجَزَ فِي كُلِّ مَا ذَكَرْنَا، وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ: لَا يَلْزَمُ ذَلِكَ إلَّا عَمَّنْ قَدَرَ بِنَفْسِهِ عَلَى الْحَجِّ - وَلَوْ عَامًا وَاحِدًا - ثُمَّ عَجَزَ.
قَالَ عَلِيٌّ: وَهَذَا خَطَأٌ؛ لِأَنَّ الْخَبَرَ الَّذِي قَدَّمْنَا فِيهِ فَرِيضَةُ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْحَجِّ أَدْرَكَتْهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى الثَّبَاتِ عَلَى الدَّابَّةِ، فَصَحَّ أَنَّهُ قَدْ لَزِمَهُ فَرْضُ الْحَجِّ وَلَمْ يَكُنْ قَطُّ بَعْدَ لُزُومِهِ لَهُ قَادِرًا عَلَيْهِ بِجِسْمِهِ؛ فَصَحَّ قَوْلُنَا - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
[مَسْأَلَةٌ مَاتَ وَهُوَ مُسْتَطِيعٌ لِلْحَجِّ]
٨١٨ - مَسْأَلَةٌ:
وَمَنْ مَاتَ وَهُوَ مُسْتَطِيعٌ بِأَحَدِ الْوُجُوهِ الَّتِي قَدَّمْنَا حُجَّ عَنْهُ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ وَاعْتُمِرَ وَلَا بُدَّ مُقَدَّمًا عَلَى دُيُونِ النَّاسِ إنْ لَمْ يُوجَدْ مَنْ يَحُجُّ عَنْهُ تَطَوُّعًا سَوَاءً أَوْصَى بِذَلِكَ أَوْ لَمْ يُوصِ بِذَلِكَ - وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَمَالِكٌ: لَا يُحَجُّ عَنْهُ إلَّا أَنْ يُوصِيَ بِذَلِكَ فَيَكُونُ مِنْ الثُّلُثِ.
بُرْهَانُ صِحَّةِ قَوْلِنَا -: قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْمَوَارِيثِ: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء: ١١] فَعَمَّ عَزَّ وَجَلَّ الدُّيُونَ كُلَّهَا -: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ نا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ نا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَنَّا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى الْمَصْرِيُّ نا عَبْدُ الْوَارِثِ هُوَ ابْنُ سَعِيدٍ التَّنُّورِيُّ - نا أَبُو التَّيَّاحِ يَزِيدُ بْنُ حَمِيدٍ الْبَصْرِيُّ نا مُوسَى بْنُ سَلَمَةَ الْهُذَلِيُّ: " أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ: أَمَرْتُ «امْرَأَةَ سِنَانِ بْنِ سَلَمَةَ الْجُهَنِيِّ أَنْ تَسْأَلَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ أَنَّ أُمَّهَا مَاتَتْ وَلَمْ تَحُجَّ أَفَيُجْزِئُ عَنْ أُمِّهَا أَنْ تَحُجَّ عَنْهَا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: نَعَمْ، لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّهَا دَيْنٌ فَقَضَتْهُ عَنْهَا أَلَمْ يَكُنْ يُجْزِئُ عَنْهَا؟ فَلْتَحُجَّ عَنْ أُمِّهَا» .
وَمِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيُّ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute