للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَمَّا خَبَرُ أُمِّ سَلَمَةَ فَلَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَنْ كَانَ لَهُ صَوْمٌ مَعْهُودٌ فَوَافَقَ يَوْمَ الشَّكِّ فَلْيَصُمْهُ كَمَا جَاءَ فِي الْخَبَرِ الَّذِي صَدَّرْنَا بِهِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُحْمَلَ صَوْمُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهُ وَفِي وَصْلِهِ شَعْبَانَ بِرَمَضَانَ إلَّا عَلَى أَنَّهُ صَوْمٌ مَعْهُودٌ كَانَ لَهُ؟ وَأَمَّا خَبَرُ عِمْرَانَ فَصَحِيحٌ إلَّا أَنَّهُ لَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ؛ لِأَنَّنَا لَا نَدْرِي مَاذَا كَانَ يَقُولُ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ لَوْ قَالَ لَهُ الرَّجُلُ: إنَّهُ صَامَ سِرَرَ شَعْبَانَ أَيَنْهَاهُ أَمْ يُقِرُّهُ عَلَى ذَلِكَ؟ وَالشَّرَائِعُ الثَّابِتَةُ لَا يَجُوزُ خِلَافُهَا بِالظُّنُونِ وَلَا بِمَا لَا بَيَانَ فِيهِ، ثُمَّ لَوْ كَانَ فِي هَذِهِ الْأَخْبَارِ بَيَانٌ جَلِيٌّ بِإِبَاحَةِ صَوْمِ يَوْمِ الشَّكِّ مِنْ شَعْبَانَ لَمَا كَانَ لَهُمْ فِيهِ حُجَّةٌ؛ لِأَنَّ صَوْمَ يَوْمِ الشَّكِّ وَغَيْرِهِ كَانَ مُبَاحًا بِلَا شَكٍّ فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّ الصَّوْمَ جُمْلَةً عَمَلُ بِرٍّ وَخَيْرٍ؛ فَلَمَّا صَحَّ نَهْيُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ صَوْمِ يَوْمَيْنِ قَبْلَ رَمَضَانَ إلَّا لِمَنْ كَانَ لَهُ صَوْمٌ يَصُومُهُ صَحَّ يَقِينًا لَا مِرْيَةَ فِيهِ أَنَّ الْإِبَاحَةَ الْمُتَقَدِّمَةَ قَدْ نُسِخَتْ وَبَطَلَتْ؛ لِأَنَّ الصَّوْمَ قَدْ كَانَ مُتَقَدِّمًا لِهَذَا النَّهْيِ بِنَصِّهِ كَمَا هُوَ لِاسْتِثْنَائِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مَنْ كَانَ لَهُ صَوْمٌ فَلْيَصُمْهُ، وَلَا يَحِلُّ الْعَمَلُ بِشَيْءٍ قَدْ صَحَّ أَنَّهُ مَنْسُوخٌ بِلَا شَكٍّ وَلَا يَحِلُّ خِلَافُ النَّاسِخِ وَمَنْ ادَّعَى أَنَّ الْحَالَةَ الْمَنْسُوخَةَ قَدْ عَادَتْ وَأَنَّ النَّاسِخَ قَدْ بَطَلَ فَقَدْ كَذَبَ وَقَفَا مَا لَا عِلْمَ لَهُ بِهِ، وَقَالَ مَا لَا دَلِيلَ لَهُ بِهِ أَبَدًا، وَالظَّنُّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ.

[مَسْأَلَةٌ التَّلَوُّم فِي يَوْمِ الشَّكِّ]

٧٩٩ - مَسْأَلَةٌ: وَلَا مَعْنَى لِلتَّلَوُّمِ فِي يَوْمِ الشَّكِّ، لِأَنَّهُ إنْ كَانَ تَلَوُّمُهُ بِنِيَّةِ الصَّوْمِ فَقَدْ خَالَفَ أَمْرَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِتَرْكِ صَوْمِهِ وَوَاقَعَ النَّهْيَ، وَإِنْ كَانَ تَلَوَّمُهُ بِغَيْرِ نِيَّةِ الصَّوْمِ فَهُوَ عَنَاءٌ لَا مَعْنَى لَهُ، وَتَرْكُ الْمُفْطِرِ الْأَكْلَ عَمَلٌ فَارِغٌ. وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ أَنَسٍ وَجَمَاعَةٍ مَعَهُ تَعْجِيلَ الْفِطْرِ فِي أَوَّلِهِ.

[مَسْأَلَةٌ صَوْمُ الْيَوْمِ السَّادِسَ عَشَرَ مِنْ شَعْبَانَ تَطَوُّعًا]

٨٠٠ - مَسْأَلَةٌ: وَلَا يَجُوزُ صَوْمُ الْيَوْمِ السَّادِسَ عَشَرَ مِنْ شَعْبَانَ تَطَوُّعًا أَصْلًا وَلَا لِمَنْ صَادَفَ يَوْمًا كَانَ يَصُومُهُ -: نَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ نَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ نَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ نَا أَبُو دَاوُد نَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ نَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ قَالَ: قَدِمَ عَبَّادُ بْنُ كَثِيرٍ الْمَدِينَةَ فَمَالَ إلَى مَجْلِسِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَأَخَذَ بِيَدِهِ فَأَقَامَهُ ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ إنَّ هَذَا يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إذَا انْتَصَفَ شَعْبَانُ فَلَا تَصُومُوا» فَقَالَ الْعَلَاءُ: اللَّهُمَّ إنَّ أَبِي حَدَّثَنِي

<<  <  ج: ص:  >  >>