للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلْنَا: نَعَمْ، فَكَانَ مَاذَا؟ وَإِنَّمَا هُوَ سَاعٍ لِرِبْحٍ يَرْجُوهُ، فَإِنَّمَا يَسْعَى فِي حَظِّ نَفْسِهِ.

[مَسْأَلَةٌ صَاحِب الْمَال وَالْعَامِل اقْتَسَمَا الرِّبْحَ]

١٣٧٢ - مَسْأَلَةٌ: وَكُلُّ رِبْحٍ رَبِحَاهُ فَلَهُمَا أَنْ يَتَقَاسَمَاهُ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلَا وَتَرَكَا الْأَمْرَ بِحَسَبِهِ ثُمَّ خَسِرَ فِي الْمَالِ فَلَا رِبْحَ لِلْعَامِلِ، وَأَمَّا إذَا اقْتَسَمَا الرِّبْحَ فَقَدْ مَلَكَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا صَارَ لَهُ، فَلَا يَسْقُطُ مِلْكُهُ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُمَا عَلَى هَذَا تَعَامَلَا، وَعَلَى أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَظٌّ مِنْ الرِّبْحِ، فَإِذَا اقْتَسَمَاهُ فَهُوَ عَقْدُهُمَا الْمُتَّفَقُ عَلَى جَوَازِهِ، فَإِنْ لَمْ يَقْتَسِمَاهُ فَقَدْ تَطَوَّعَا بِتَرْكِ حَقِّهِمَا وَذَلِكَ مُبَاحٌ.

[مَسْأَلَةٌ لَا ضَمَانَ عَلَى الْعَامِلِ فِيمَا تَلِفَ مِنْ الْمَالِ]

١٣٧٣ - مَسْأَلَةٌ: وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْعَامِلِ فِيمَا تَلِفَ مِنْ الْمَالِ - وَلَوْ تَلِفَ كُلُّهُ - وَلَا فِيمَا خَسِرَ فِيهِ، وَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ، إلَّا أَنْ يَتَعَدَّى أَوْ يُضَيِّعَ فَيَضْمَنُ، لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ» .

[مَسْأَلَةٌ رَبّ الْمَال وَعَامِل الْقِرَاض أَيُّهُمَا أَرَادَ تَرْكَ الْعَمَلِ فَلَهُ ذَلِكَ]

١٣٧٤ - مَسْأَلَةٌ:

وَأَيُّهُمَا أَرَادَ تَرْكَ الْعَمَلِ فَلَهُ ذَلِكَ وَيُجْبَرُ الْعَامِلُ عَلَى بَيْعِ السِّلَعِ مُعَجِّلًا - خَسِرَ أَوْ رَبِحَ - لِأَنَّهُ لَا مُدَّةَ فِي الْقِرَاضِ، فَإِذْ لَيْسَ فِيهِ مُدَّةٌ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُجْبَرَ الْآبِي مِنْهُمَا عَلَى التَّمَادِي فِي عَمَلٍ لَا يُرِيدُهُ أَحَدُهُمَا فِي مَالِهِ، وَلَا يُرِيدُهُ الْآخَرُ فِي عَمَلِهِ، وَلَا يَجُوزُ التَّأْخِيرُ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي كَمْ يَكُونُ التَّأْخِيرُ؟ وَقَدْ تَسْمُو قِيمَةُ السِّلَعِ، وَقَدْ تَنْحَطُّ، فَإِيجَابُ التَّأْخِيرِ فِي ذَلِكَ خَطَأٌ، وَلَا يَلْزَمُ أَحَدًا أَنْ يُبِيحَ مَالَهُ لِغَيْرِهِ لِيُمَوِّلَهُ بِهِ. وَالْعَجَبُ مِمَّنْ أَلْزَمَ هَهُنَا إجْبَارَ صَاحِبِ الْمَالِ عَلَى الصَّبْرِ حَتَّى يَكُونَ لِلسِّلَعِ سُوقٌ لِيُمَوِّلَ بِذَلِكَ الْعَامِلَ مِنْ مَالِ غَيْرِهِ، وَهُوَ لَا يَرَى إجْبَارَهُ عَلَى تَدَارُكِ مَنْ يَمُوتُ جُوعًا مِنْ ذَوِي رَحِمِهِ، أَوْ غَيْرِهِمْ، بِمَا يُقِيمُ رَمَقَهُ، وَهَذَا عَكْسُ الْحَقَائِقِ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

[مَسْأَلَةٌ تَعَدَّى عَامِلُ الْمُضَارَبَة فَرَبِحَ]

١٣٧٥ - مَسْأَلَةٌ:

وَإِنْ تَعَدَّى الْعَامِلُ فَرَبِحَ، فَإِنْ كَانَ اشْتَرَى فِي ذِمَّتِهِ وَوَزَنَ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْغَاصِبِ - وَقَدْ صَارَ ضَامِنًا لِلْمَالِ إنْ تَلِفَ أَوْ لِمَا تَلِفَ مِنْهُ بِالتَّعَدِّي، وَيَكُونُ الرِّبْحُ لَهُ، لِأَنَّ الشِّرَى لَهُ.

وَإِنْ كَانَ اشْتَرَى بِمَالِ الْقِرَاضِ نَفْسِهِ فَالشِّرَى فَاسِدٌ مَفْسُوخٌ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ صَاحِبُهُ الْبَائِع مِنْهُ فَالرِّبْحُ لِلْمَسَاكِينِ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ لَا يُعْرَفُ لَهُ صَاحِبٌ.

وَهَذَا قَوْلُ النَّخَعِيِّ، وَالشَّعْبِيِّ، وَحَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَابْنِ شُبْرُمَةَ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>