للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَعَارٍ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَهُمْ فِيهِ سَلَفٌ، وَمَا نَعْلَمُ لِقَوْلِهِمْ حُجَّةً، لَا مِنْ قُرْآنٍ وَلَا مِنْ سُنَّةٍ وَلَا مِنْ قَوْلِ صَاحِبٍ وَلَا مِنْ قِيَاسٍ وَلَا مِنْ مَعْقُولٍ.

وَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الَّتِي اُخْتُلِفَ فِيهَا عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فَإِنَّ قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ أَشْبَهُ بِأُصُولِهِمْ؛ لِأَنَّ أَثَرَ طُلُوعِ الشَّمْسِ لَيْسَ هُوَ وَقْتُ صَلَاةِ فَرْضٍ مَارًّا إلَى وَقْتِ الظُّهْرِ، وَهُوَ وَقْتُ تَطَوُّعٍ، فَالْمُتَوَضِّئَةُ فِيهِ لِلصَّلَاةِ كَالْمُتَوَضِّئَةِ لِصَلَاةِ الْعَصْرِ فِي وَقْتِ الظُّهْرِ، وَلَا يُجْزِيهَا ذَلِكَ عِنْدَهُمْ.

وَأَمَّا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ فَخَطَأٌ وَمِنْ الْمُحَالِ الْمُمْتَنِعِ فِي الدِّينِ الَّذِي لَمْ يَأْتِ بِهِ قَطُّ نَصٌّ وَلَا دَلِيلٌ أَنْ يَكُونَ إنْسَانٌ طَاهِرًا إنْ أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ تَطَوُّعًا وَمُحْدِثًا غَيْرَ طَاهِرٍ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ بِعَيْنِهِ إنْ أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ فَرِيضَةً، هَذَا مَا لَا خَفَاءَ بِهِ وَلَيْسَ إلَّا طَاهِرًا أَوْ مُحْدِثًا، فَإِنْ كَانَتْ طَاهِرًا فَإِنَّهَا تُصَلِّي مَا شَاءَتْ مِنْ الْفَرَائِضِ وَالنَّوَافِلِ، وَإِنْ كَانَتْ مُحْدِثَةً فَمَا يَحِلُّ لَهَا أَنْ تُصَلِّيَ لَا فَرْضًا وَلَا نَافِلَةً.

وَأَقْبَحُ مِنْ هَذَا يَدْخُلُ عَلَى الْمَالِكِيِّينَ فِي قَوْلِهِمْ: مَنْ تَيَمَّمَ لِفَرِيضَةٍ فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِذَلِكَ التَّيَمُّمِ بَعْدَ أَنْ يُصَلِّيَ الْفَرِيضَةَ مَا شَاءَ مِنْ النَّوَافِلِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ نَافِلَةً قَبْلَ تِلْكَ الْفَرِيضَةِ بِذَلِكَ التَّيَمُّمِ، وَلَا أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ صَلَاتَيْ فَرْضٍ، فَهَذَا هُوَ نَظَرُهُمْ وَقِيَاسُهُمْ وَأَمَّا تَعَلُّقٌ بِأَثَرٍ، فَالْآثَارُ حَاضِرَةٌ وَأَقْوَالُهُ حَاضِرَةٌ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ، وَهُمْ كُلُّهُمْ يَشْغَبُونَ بِخِلَافِ الصَّاحِبِ الَّذِي لَا يُعْرَفُ لَهُ مُخَالِفٌ مِنْهُمْ وَجَمِيعُ الْحَنَفِيِّينَ وَالْمَالِكِيِّينَ وَالشَّافِعِيِّينَ قَدْ خَالَفُوا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَائِشَةَ وَعَلِيًّا وَابْنَ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، وَلَا مُخَالِفَ لَهُمْ يُعْرَفُ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - فِي ذَلِكَ وَخَالَفَ الْمَالِكِيُّونَ فِي ذَلِكَ فُقَهَاءُ الْمَدِينَةِ كَمَا أَوْرَدْنَا، فَصَارَتْ أَقْوَالُهُمْ مُبْتَدَأَةً مِمَّنْ قَالَهَا بِلَا بُرْهَانٍ أَصْلًا. وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

[مَسْأَلَة الْوُضُوء لَا يُنْتَقَض بالرعاف وَلَا بَالدَّم السائل مِنْ الجسد]

١٦٩ - مَسْأَلَةٌ: قَالَ عَلِيٌّ: لَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ شَيْءٌ غَيْرَ مَا ذَكَرْنَا، لَا رُعَافٌ وَلَا دَمٌ سَائِلٌ مِنْ شَيْءٍ مِنْ الْجَسَدِ أَوْ مِنْ الْحَلْقِ أَوْ مِنْ الْأَسْنَانِ أَوْ مِنْ الْإِحْلِيلِ أَوْ مِنْ الدُّبُرِ، وَلَا حِجَامَةٌ وَلَا فَصْدٌ، وَلَا قَيْءٌ كَثُرَ أَوْ قَلَّ، وَلَا قَلْسٌ وَلَا قَيْحٌ وَلَا مَاءٌ وَلَا دَمٌ تَرَاهُ الْحَامِلُ مِنْ فَرْجِهَا، وَلَا أَذَى الْمُسْلِمِ وَلَا ظُلْمُهُ، وَلَا مَسُّ الصَّلِيبِ وَالْوَثَنِ وَلَا الرِّدَّةُ وَلَا الْإِنْعَاظُ لِلَذَّةٍ أَوْ لِغَيْرِ لَذَّةٍ، وَلَا الْمَعَاصِي مِنْ غَيْرِ مَا ذَكَرْنَا، وَلَا شَيْءَ يَخْرُجُ مِنْ الدُّبُرِ لَا عُذْرَةَ عَلَيْهِ، سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الدُّودُ وَالْحَجَرُ وَالْحَيَّاتُ، وَلَا حُقْنَةٌ وَلَا تَقْطِيرُ دَوَاءٍ فِي الْمَخْرَجَيْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>