للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا مَسُّ حَيَا بَهِيمَةٍ وَلَا قُبُلَهَا، وَلَا حَلْقُ الشَّعْرَ بَعْدَ الْوُضُوءِ، وَلَا قَصُّ الظُّفْرِ وَلَا شَيْءٌ يَخْرُجُ مِنْ فَرْجِ الْمَرْأَةِ مِنْ قَصَّةٍ بَيْضَاءَ أَوْ صُفْرَةٍ أَوْ كُدْرَةٍ أَوْ كَغُسَالَةِ اللَّحْمِ أَوْ دَمٍ أَحْمَرَ لَمْ يَتَقَدَّمْهُ حَيْضٌ، وَلَا الضَّحِكُ فِي الصَّلَاةِ، وَلَا شَيْءٌ غَيْرُ ذَلِكَ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: بُرْهَانُ إسْقَاطِنَا الْوُضُوءَ مِنْ كُلِّ مَا ذَكَرْنَا، هُوَ أَنَّهُ لَمْ يَأْتِ قُرْآنٌ وَلَا سُنَّةٌ وَلَا إجْمَاعٌ بِإِيجَابِ وُضُوءٍ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَلَا شَرَّعَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى أَحَدٍ مِنْ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ إلَّا مِنْ أَحَدِ هَذِهِ الْوُجُوهِ، وَمَا عَدَاهَا فَبَاطِلٌ، وَلَا شَرْعَ إلَّا مَا أَوْجَبَهُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَأَتَانَا بِهِ رَسُولُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفِي كُلِّ مَا ذَكَرْنَا خِلَافٌ نَذْكُرُ مِنْهُ مَا كَانَ الْمُخَالِفُونَ فِيهِ حَاضِرِينَ، وَنَضْرِبُ عَمَّا قَدْ دَرَسَ الْقَوْلَ بِهِ إلَّا ذِكْرًا خَفِيفًا. وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

قَالَ عَلِيٌّ: قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: كُلُّ دَمٍ سَائِلٍ أَوْ قَيْحٍ سَائِلٍ أَوْ مَاءٍ سَائِلٍ مِنْ أَيِّ مَوْضِعٍ سَالَ مِنْ الْجَسَدِ فَإِنَّهُ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ، فَإِنْ لَمْ يَسِلْ لَمْ يُنْقَضْ الْوُضُوءُ مِنْهُ، إلَّا أَنْ يَكُونَ خَرَجَ ذَلِكَ مِنْ الْأَنْفِ أَوْ الْأُذُنِ، فَإِنْ خَرَجَ مِنْ الْأَنْفِ أَوْ الْأُذُنِ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ دَمًا أَوْ قَيْحًا فَبَلَغَ إلَى مَوْضِعِ الِاسْتِنْشَاقِ مِنْ الْأَنْفِ أَوْ إلَى مَا يَلْحَقُهُ الْغُسْلُ مِنْ دَاخِلِ الْأُذُنِ فَالْوُضُوءُ مُنْتَقِضٌ، وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ إلَى مَا ذَكَرْنَا لَمْ يَنْتَقِضْ الْوُضُوءُ، فَإِنْ خَرَجَ مِنْ الْأَنْفِ مُخَاطٌ أَوْ مَاءٌ فَلَا يَنْتَقِضُ الْوُضُوءُ، وَكَذَلِكَ إنْ خَرَجَ مِنْ الْأُذُنِ مَاءٌ فَلَا يَنْتَقِضُ الْوُضُوءُ.

قَالَ: فَإِنْ خَرَجَ مِنْ الْجَوْفِ إلَى الْفَمِ أَوْ مِنْ اللِّثَاتِ دَمٌ فَإِنْ كَانَ غَالِبًا عَلَى الْبُزَاقِ فَفِيهِ الْوُضُوءُ وَإِنْ لَمْ يَمْلَأْ الْفَمَ، وَإِنْ لَمْ يَغْلِبْ عَلَى الْبُزَاقِ فَلَا وُضُوءَ فِيهِ، فَإِنْ تَسَاوَيَا فَيُسْتَحْسَنُ فَيَأْمُرُ فِيهِ بِالْوُضُوءِ، فَإِنْ خَرَجَ مِنْ الْجُرْحِ دَمٌ فَظَهَرَ وَلَمْ يَسِلْ فَلَا وُضُوءَ فِيهِ، فَإِنْ سَالَ فَفِيهِ الْوُضُوءُ، فَلَوْ خَرَجَ مِنْ الْجُرْحِ دُودٌ أَوْ لَحْمٌ فَلَا وُضُوءَ فِيهِ، فَإِنْ خَرَجَ الدُّودُ مِنْ الدُّبُرِ فَفِيهِ الْوُضُوءُ، فَإِنْ عَصَبَ الْجُرْحَ نَظَرَ، فَإِنْ كَانَ لَوْ تُرِكَ سَالَ فَفِيهِ الْوُضُوءُ، وَإِنْ كَانَ لَوْ تُرِكَ لَمْ يَسِلْ فَلَا وُضُوءَ. قَالَ وَأَمَّا الْقَيْءُ وَالْقَلْسُ وَكُلُّ شَيْءٍ خَرَجَ مِنْ الْجَوْفِ إلَى الْفَمِ، فَإِنْ مَلَأَ الْفَمَ نَقَضَ الْوُضُوءَ وَإِنْ لَمْ يَمْلَأْ الْفَمَ لَمْ يَنْقُضْ الْوُضُوءَ، وَحَدَّ بَعْضُهُمْ مَا يَمْلَأُ الْفَمَ بِمِقْدَارِ اللُّقْمَةِ - عَلَى أَنَّ اللُّقْمَةَ تَخْتَلِفُ - وَحَدَّ بَعْضُهُمْ مَا لَا يَقْدِرُ عَلَى إمْسَاكِهِ فِي الْفَمِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ حَاشَا الْبَلْغَمَ فَلَا وُضُوءَ فِيهِ وَإِنْ مَلَأَ الْفَمَ وَكَثُرَ جِدًّا، قَالَ أَبُو يُوسُفَ: بَلْ فِيهِ الْوُضُوءُ إذَا مَلَأَ الْفَمَ.

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ فِي كُلِّ ذَلِكَ إلَّا الدَّمَ،

<<  <  ج: ص:  >  >>