للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْقَائِلُ تَعَالَى: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا} [البقرة: ٢٨٦] وَبِيَقِينٍ نَدْرِي أَنَّهُ لَيْسَ فِي وُسْعِ أَحَدٍ، وَلَا فِي طَاقَتِهِ: أَنْ يَفْهَمَ مُرَادَ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ غَيْرِ أَنْ يُفْهِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى إيَّاهُ؟ فَسَقَطَ أَنْ يَكُونَ فِي الْخَطَأِ غَرَامَةٌ أَصْلًا فِيمَا دُونَ النَّفْسِ. فَسَقَطَ أَنْ يَكُونَ فِي الْخَطَأِ فِي ذَلِكَ دِيَةٌ أَصْلًا فَرَجَعْنَا إلَى الْعَمْدِ فَلَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ إيجَابِ دِيَةِ الْأَصَابِعِ كَمَا أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إمَّا عَلَى الْعَامِدِ، وَإِمَّا عَلَى الْمُخْطِئِ، أَوْ عَلَى عَاقِلَةِ الْمُخْطِئِ وَقَدْ سَقَطَ أَنْ يَجِبَ فِي ذَلِكَ عَلَى الْمُخْطِئِ، أَوْ عَلَى عَاقِلَتِهِ شَيْءٌ بِنُصُوصِ الْقُرْآنِ الَّتِي أَوْرَدْنَا فَلَمْ يَبْقَ فِي ذَلِكَ إلَّا الْعَامِدُ، فَالدِّيَةُ فِي ذَلِكَ وَاجِبَةٌ عَلَى الْعَامِدِ بِلَا شَكٍّ، إذْ لَمْ يَبْقَ إلَّا هُوَ.

أَيْضًا - فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} [الشورى: ٤٠] وَكَانَ الْعَامِدُ مُسِيئًا بِسَيِّئَتِهِ، فَالْوَاجِبُ - بِنَصِّ الْقُرْآنِ - أَنْ يُسَاءَ إلَيْهِ بِمِثْلِهَا، وَالدِّيَةُ إذَا أَوْجَبَهَا اللَّهُ تَعَالَى عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفِي إسَاءَةِ مُسِيءٍ، فَهِيَ مِثْلُ سَيِّئَةِ ذَلِكَ الْمُسِيءِ بِلَا شَكٍّ - وَكَذَلِكَ الْحُدُودُ إذَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا أَيْضًا، فَإِذَا فَاتَتْ الْمُمَاثَلَةُ بِالْقَوَدِ فِي الْأَصَابِعِ وَجَبَتْ الْمُمَاثَلَةُ بِالدِّيَةِ فِي ذَلِكَ.

[مَسْأَلَةٌ فِي دِيَة الْأَصَابِعِ]

٢٠٤٣ - مَسْأَلَةٌ: قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ نا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ نا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ نا الْحَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ نا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَضَى فِي الْإِبْهَامِ وَاَلَّتِي تَلِيهَا نِصْفَ دِيَةِ الْيَدِ، وَفِي الْوُسْطَى عَشَرَةُ أَبْعِرَةٍ، وَفِي الْبِنْصِرِ تِسْعَةُ أَبْعِرَةٍ، وَفِي الْخِنْصَرِ سِتَّةُ أَبْعِرَةٍ.

وَبِهِ إلَى الْحَجَّاجِ بْنِ الْمِنْهَالِ نا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَضَى فِي الْإِبْهَامِ خَمْسَةَ عَشَرَ بَعِيرًا، وَفِي السَّبَّابَةِ عَشْرًا، وَفِي الْوُسْطَى عَشْرًا، وَفِي الْبِنْصِرِ تِسْعًا، وَفِي الْخِنْصَرِ سِتًّا

<<  <  ج: ص:  >  >>