للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِيهِ، وَأَخَذَاهُ مَعًا، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَفَاضَلَا فِيهِ إلَّا بِأَنْ يَتَبَيَّنَ عِنْدَ الْعَقْدِ أَنَّ لِهَذَا ثُلُثَهُ وَلِهَذَا ثُلُثَيْهِ، أَوْ كَمَا يَتَّفِقُونَ عَلَيْهِ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

[مَسْأَلَة وصف مَا يسلم]

١٦٢١ - مَسْأَلَةٌ: وَلَا بُدَّ مِنْ وَصْفِ مَا يُسْلِمُ فِيهِ بِصِفَاتِهِ الضَّابِطَةِ لَهُ؛ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ كَانَ تِجَارَةً عَنْ غَيْرِ تَرَاضٍ، إذْ لَا يَدْرِي الْمُسَلِّمُ مَا يُعْطِيهِ الْمُسَلَّمَ إلَيْهِ وَلَا يَدْرِي الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ مَا يَأْخُذُ مِنْهُ الْمُسَلِّمُ فَهُوَ أَكْلُ مَالٍ بِالْبَاطِلِ.

وَالتَّرَاضِي لَا يَجُوزُ وَلَا يُمْكِنُ إلَّا فِي مَعْلُومٍ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى نَتَأَيَّدُ.

[مَسْأَلَة مَا يَجُوز فِيهِ السَّلَم]

١٦٢٢ - مَسْأَلَةٌ: وَالسَّلَمُ جَائِزٌ فِيمَا لَا يُوجَدُ حِينَ عَقْدِ السَّلَمِ، وَفِيمَا يُوجَدُ، وَإِلَى مَنْ لَيْسَ عِنْدَهُ مِنْهُ شَيْءٌ، وَإِلَى مَنْ عِنْدَهُ.

وَلَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِيمَا لَا يُوجَدُ حِينَ حُلُولِ أَجَلِهِ.

بُرْهَانُ ذَلِكَ -: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ بِالسَّلَمِ كَمَا ذَكَرْنَا " وَبَيَّنَ فِي الْكَيْلِ " وَفِي الْوَزْنِ، وَإِلَى أَجَلٍ، فَلَوْ كَانَ كَوْنُ السَّلَمِ فِي الشَّيْءِ لَا يَجُوزُ إلَّا فِي حَالِ وُجُودِهِ، أَوْ إلَى مَنْ عِنْدَهُ مَا سُلِّمَ إلَيْهِ فِيهِ لَمَا أَغْفَلَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بَيَانَ ذَلِكَ حَتَّى يَكِلَنَا إلَى غَيْرِهِ، حَاشَا لِلَّهِ مِنْ ذَلِكَ {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} [النجم: ٣] {إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: ٤] ، {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [مريم: ٦٤] .

وَأَمَّا السَّلَمُ فِيمَا لَا يُوجَدُ حِينَ حُلُولِ أَجَلِهِ فَهُوَ تَكْلِيفُ مَا لَا يُطَاقُ، وَهَذَا بَاطِلٌ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا} [البقرة: ٢٨٦] فَهُوَ عَقْدٌ عَلَى بَاطِلٍ فَهُوَ بَاطِلٌ.

وَقَوْلُنَا فِي هَذَا كُلِّهِ هُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ، وَأَبِي ثَوْرٍ وَأَبِي سُلَيْمَانَ - وَلَمْ يُجِزْ السَّلَمَ فِي شَيْءٍ لَا يُوجَدُ حِينَ السَّلَمِ فِيهِ: سُفْيَانُ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ.

وَزَادَ أَبُو حَنِيفَةَ فَقَالَ: لَا يَجُوزُ السَّلَمُ إلَّا فِيمَا هُوَ مَوْجُودٌ مِنْ حِينِ السَّلَمِ إلَى حِينِ أَجَلِهِ لَا يَنْقَطِعُ فِي شَيْءٍ مِنْ تِلْكَ الْمُدَّةِ - وَمَا نَعْلَمُ هَذَا الْقَوْلَ عَنْ أَحَدٍ قَبْلَهُ.

وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ: لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِي شَيْءٍ يَنْقَطِعُ، وَلَوْ فِي شَيْءٍ مِنْ السَّنَةِ - وَلَا يُعْلَمُ أَيْضًا هَذَا عَنْ أَحَدٍ قَبْلَهُ.

وَاحْتَجَّ الْمَانِعُونَ مِنْ هَذَا «بِنَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ بَيْعِ السُّنْبُلِ حَتَّى يَشْتَدَّ وَعَنْ بَيْعِ الثَّمَرِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهُ.»

<<  <  ج: ص:  >  >>