أُوصِيكُمْ بِالْأَنْصَارِ فَإِنَّهُمْ كَرِشِي وَعَيْبَتِي، وَقَدْ قَضَوْا الَّذِي عَلَيْهِمْ، وَبَقِيَ الَّذِي لَهُمْ، فَاقْبَلُوا مِنْ مُحْسِنِهِمْ وَتَجَاوَزُوا عَنْ مُسِيئِهِمْ» .
وَبِهِ - إلَى الْبُخَارِيِّ نا أَحْمَدُ بْنُ يَعْقُوبَ نا ابْنُ الْمُغَلِّسِ قَالَ: سَمِعْت عِكْرِمَةَ يَقُولُ: سَمِعْت ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ «خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَلَيْهِ مِلْحَفَةٌ مُتَعَصِّبًا بِهَا عَلَى مَنْكِبَيْهِ وَعَلَيْهِ عِصَابَةٌ دَسْمَاءُ، حَتَّى جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ: أَيُّهَا النَّاسُ، فَإِنَّ النَّاسَ يَكْثُرُونَ وَتَقِلُّ الْأَنْصَارُ، حَتَّى يَكُونُوا كَالْمِلْحِ فِي الطَّعَامِ» .
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَكَيْفَ تُجْمَعُ هَذِهِ الْآثَارُ مَعَ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلِيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ إنْ اسْتَطَاعَ» وَمَعَ مَا حَدَّثَكُمُوهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ نا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ نا الْفَرَبْرِيُّ نا الْبُخَارِيُّ نا عَبْدَانُ - هُوَ ابْنُ عُثْمَانَ - نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ نا يُونُسُ - هُوَ ابْنُ يَزِيدَ - عَنْ الزُّهْرِيِّ أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «مَا انْتَقَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - لِنَفْسِهِ فِي شَيْءٍ يُؤْتَى إلَيْهِ، حَتَّى يُنْتَهَكَ مِنْ حُرُمَاتِ اللَّهِ، فَيَنْتَقِمُ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ؟» قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: فَنَقُولُ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ -: إنَّ جَمِيعَهَا كُلَّهَا حَقٌّ مُمْكِنٌ ظَاهِرٌ، وَذَلِكَ مَا كَانَ مِنْ إسَاءَةٍ لَا تَبْلُغُ مُنْكَرًا وَجَبَ أَنْ يَتَجَاوَزَ فِيهَا عَنْ الْأَنْصَارِيِّ فِي التَّعْزِيرِ، وَلَمْ يُخَفِّفْ عَنْ غَيْرِهِمْ، وَمَا كَانَ مِنْ حَدٍّ خَفِيفٍ أَيْضًا مِنْ الْأَنْصَارِ مَا لَا يُخَفَّفُ عَنْ غَيْرِهِمْ، مِثْلُ أَنْ يُجْلَدَ الْأَنْصَارِيُّ فِي الْخَمْرِ بِطَرَفِ الثَّوْبِ، وَغَيْرِهِ بِالْيَدِ، أَوْ بِالْجَرِيدِ، وَالنِّعَالِ، وَيُقَالُ ذُو الْهَيْئَةِ - وَهُوَ الَّذِي لَهُ هَيْئَةُ عِلْمٍ وَشَرَفٍ - عَثْرَةٌ فِي جَفَا، وَنَحْوِ ذَلِكَ مَا لَمْ يَكُنْ حَدًّا أَوْ مُنْكَرًا، فَلَا بُدَّ مِنْ إقَامَةِ الْحُدُودِ، وَالتَّعْزِيرِ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
[مَسْأَلَة الْقُرَشِيّ إذَا حَدّ فِي زَنَى أَوْ غيرة مِنْ الْحُدُود ثَلَاثًا هَلْ يقتل]
٢٣١١ - مَسْأَلَةٌ: هَلْ يُقْتَلُ الْقُرَشِيُّ فِيمَا يُوجِبُ الْقَتْلَ مِنْ رَجْمِ الْمُحْصَنِ إذَا زَنَى، وَالْقَوَدِ، وَالْحِرَابَةِ، وَالرِّدَّةِ، وَإِذَا شَرِبَ الْخَمْرَ، بَعْدَ أَنْ حُدَّ فِيهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ أَمْ لَا؟
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute