للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَكْثَرَ، وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: أَكْثَرُ الْحَيْضِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ يَوْمًا.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَسُفْيَانُ: أَكْثَرُهُ عَشَرَةُ أَيَّامٍ.

فَاحْتَجَّ أَبُو حَنِيفَةَ بِالْأَخْبَارِ الَّتِي ذَكَرْنَا وَقَالَ: لَا يَقَعُ اسْمُ أَيَّامٍ إلَّا عَلَى عَشَرَةٍ، وَادَّعَى بَعْضُهُمْ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ إنَّ الْحَيْضَ أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ.

قَالَ عَلِيٌّ: أَمَّا قَوْلُهُمْ إنَّ اسْمَ أَيَّامٍ لَا يَقَعُ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ عَشَرَةٍ فَكَذِبٌ لَا تُوجِبُهُ لُغَةٌ وَلَا شَرِيعَةٌ، وَقَدْ قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: ١٨٤] وَهَذَا يَقَعُ عَلَى ثَلَاثِينَ يَوْمًا بِلَا خِلَافٍ، وَحَدِيثُ مُعَاذٍ قَدْ ذَكَرْنَا بُطْلَانَهُ، وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: إنَّهُ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ إنَّ أَيَّامَ الْحَيْضِ أَقَلُّ مِنْ عَشَرَةٍ فَهُوَ كَذِبٌ، وَقَدْ ذَكَرْنَا قَوْلَ مَنْ قَالَ: إنَّ أَيَّامَ الْحَيْضِ سِتَّةٌ أَوْ سَبْعَةٌ، وَقَوْلُ مَالِكٍ أَقَلُّ الْحَيْضِ خَمْسَةُ أَيَّامٍ، فَحَصَلَ قَوْلُهُمْ دَعْوَى بِلَا بُرْهَانٍ وَهَذَا بَاطِلٌ.

وَأَمَّا مَنْ حَدَّ ثَلَاثَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَكَذَلِكَ أَيْضًا، وَأَمَّا مَنْ قَالَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَإِنَّهُمْ ادَّعَوْا الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَكُونُ حَيْضٌ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ.

قَالَ عَلِيٌّ: وَهَذَا بَاطِلٌ، قَدْ رُوِيَ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ: أَنَّ الثِّقَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّ امْرَأَةً كَانَتْ تَحِيضُ سَبْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا، وَرُوِّينَاهُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ: أَكْثَرُ مَا سَمِعْنَا سَبْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا، وَعَنْ نِسَاءِ آلِ الْمَاجِشُونِ أَنَّهُنَّ كُنَّ يَحِضْنَ سَبْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا.

قَالَ عَلِيٌّ: قَدْ صَحَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ دَمَ الْحَيْضِ أَسْوَدُ فَإِذَا رَأَتْهُ الْمَرْأَةُ لَمْ تُصَلِّ، فَوَجَبَ الِانْقِيَادُ لِذَلِكَ، وَصَحَّ أَنَّهَا مَا دَامَتْ تَرَاهُ فَهِيَ حَائِضٌ لَهَا حُكْمُ الْحَيْضِ مَا لَمْ يَأْتِ نَصٌّ أَوْ إجْمَاعٌ فِي دَمٍ أَسْوَدَ أَنَّهُ لَيْسَ حَيْضًا. وَقَدْ صَحَّ النَّصُّ بِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ دَمٌ أَسْوَدُ وَلَيْسَ حَيْضًا، وَلَمْ يُوَقِّتْ لَنَا فِي أَكْثَرِ عِدَّةِ الْحَيْضِ مِنْ شَيْءٍ، فَوَجَبَ أَنْ نُرَاعِيَ أَكْثَرَ مَا قِيلَ، فَلَمْ نَجِدْ إلَّا سَبْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا، فَقُلْنَا بِذَلِكَ، وَأَوْجَبْنَا تَرْكَ الصَّلَاةِ بِرُؤْيَةِ الدَّمِ الْأَسْوَدِ هَذِهِ الْمُدَّةَ - لَا مَزِيدَ - فَأَقَلَّ، وَكَانَ مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ إجْمَاعًا مُتَيَقَّنًا أَنَّهُ لَيْسَ حَيْضًا.

وَقَالُوا: إنْ كَانَ الْحَيْضُ أَكْثَرَ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، فَإِنَّهُ يَجِبُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الْحَيْضُ أَكْثَرَ مِنْ الطُّهْرِ وَهَذَا مُحَالٌ، فَقُلْنَا لَهُمْ: مِنْ أَيْنَ لَكُمْ أَنَّهُ مُحَالٌ؟ وَمَا الْمَانِعُ إنْ وَجَدْنَا ذَلِكَ أَلَا يُوقَفُ عِنْدَهُ؟ فَمَا نَعْلَمُ مَنَعَ مِنْ هَذَا قُرْآنٌ وَلَا سُنَّةٌ أَصْلًا وَلَا إجْمَاعٌ وَلَا قِيَاسٌ وَلَا قَوْلُ صَاحِبٍ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

[مَسْأَلَةٌ لَا حَدَّ لِأَقَلِّ الطُّهْرِ وَلَا لِأَكْثَرِهِ]

٢٦٧ - مَسْأَلَةٌ:

وَلَا حَدَّ لِأَقَلِّ الطُّهْرِ وَلَا لِأَكْثَرِهِ، فَقَدْ يَتَّصِلُ الطُّهْرُ بَاقِي عُمُرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>