للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عِنْدَهُمْ مُمْكِنٌ فِي الْمُشَاعِ حَيْثُ اشْتَهَوْا، وَهُوَ الْبَيْعُ، وَالْقَبْضُ عِنْدَهُمْ غَيْرُ مُمْكِنٍ فِي الْمُشَاعِ حَيْثُ لَمْ يُشْتَهَوْا، وَهُوَ الرَّهْنُ - وَحَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ.

وَيُقَالُ لَهُمْ: كَمَا يُقْبَضُ فِي الْبَيْعِ كَذَلِكَ يُقْبَضُ فِي الرَّهْنِ وَلَا فَرْقَ

[مَسْأَلَةٌ صِفَةُ الْقَبْضِ فِي الرَّهْنِ]

١٢١٢ - مَسْأَلَةٌ:

وَصِفَةُ الْقَبْضِ فِي الرَّهْنِ وَغَيْرِهِ -: هُوَ أَنْ يُطْلِقَ يَدَهُ عَلَيْهِ، فَمَا كَانَ مِمَّا يُنْقَلُ نَقَلَهُ إلَى نَفْسِهِ، وَمَا كَانَ مِمَّا لَا يُنْقَلُ كَالدُّورِ، وَالْأَرْضِينَ أُطْلِقَتْ يَدُهُ عَلَى ضَبْطِهِ، كَمَا يَفْعَلُ فِي الْبَيْعِ، وَمَا كَانَ مُشَاعًا كَانَ قَبْضُهُ لَهُ كَقَبْضِ صَاحِبِهِ لِحِصَّتِهِ مِنْهُ مَعَ شَرِيكِهِ، وَلَا فَرْقَ

وَلَوْ كَانَ الْقَبْضُ لَا يَصِحُّ فِي الْمُشَاعِ لَكَانَ الشَّرِيكَانِ فِيهِ غَيْرَ قَابِضَيْنِ لَهُ، وَلَوْ كَانَا غَيْرَ قَابِضَيْنِ لَهُ لَكَانَ مُهْمَلًا لَا يَدَ لِأَحَدِ عَلَيْهِ، وَهَذَا أَمْرٌ يُكَذِّبُهُ الدَّيْنُ، وَالْعِيَانُ -: أَمَّا الدَّيْنُ: فَتَصَرُّفُهُمَا فِيهِ تَصَرُّفُ ذِي الْمِلْكِ فِي مِلْكِهِ - وَأَمَّا الْعِيَانُ: فَكَوْنُهُ عِنْدَ كُلِّ وَاحِدٍ مُدَّةٌ يَتَّفِقَانِ فِيهَا، أَوْ عِنْدَ مَنْ يَتَّفِقَانِ عَلَى كَوْنِهِ عِنْدَهُ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

[مَسْأَلَةٌ الرَّهْنُ جَائِزٌ فِيمَا يَجُوزُ بَيْعُهُ]

١٢١٣ - مَسْأَلَةٌ:

وَالرَّهْنُ جَائِزٌ فِي كُلِّ مَا يَجُوزُ بَيْعُهُ.

وَلَا يَجُوزُ فِيمَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ: كَالْحُرِّ، وَأُمِّ الْوَلَدِ، وَالسِّنَّوْرِ، وَالْكَلْبِ، وَالْمَاءِ، لِأَنَّهُ وَثِيقَةٌ لِلْمُرْتَهِنِ لِيَنْتَصِف إنْ مَطَلَ، وَلَا يُمْكِنُ الِانْتِصَافُ لِلْغَرِيمِ إلَّا مِمَّا يَجُوزُ بَيْعُهُ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى نَتَأَيَّدُ.

[مَسْأَلَةٌ مَنَافِعُ الرَّهْنِ]

١٢١٤ - مَسْأَلَةٌ:

وَمَنَافِعُ الرَّهْنِ كُلُّهَا لَا تَحَاشٍ مِنْهَا شَيْئًا لِصَاحِبِهِ الرَّاهِنِ لَهُ كَمَا كَانَتْ قَبْلَ الرَّهْنِ وَلَا فَرْقَ - حَاشَا رُكُوبِ الدَّابَّةِ الْمَرْهُونَةِ، وَحَاشَا لَبَنِ الْحَيَوَانِ الْمَرْهُونِ، فَإِنَّهُ لِصَاحِبِ الرَّهْنِ كَمَا ذَكَرْنَا إلَّا أَنْ يُضَيِّعَهُمَا فَلَا يُنْفِقُ عَلَيْهِمَا.

وَيُنْفِقُ عَلَى كُلِّ ذَلِكَ الْمُرْتَهِنُ فَيَكُونُ لَهُ حِينَئِذٍ: رُكُوبُ الدَّابَّةِ، وَلَبَنُ الْحَيَوَانِ، بِمَا أَنْفَقَ لَا يُحَاسَبُ بِهِ مِنْ دَيْنِهِ كَثُرَ ذَلِكَ أَمْ قَلَّ.

بُرْهَانُ ذَلِكَ -: قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [البقرة: ١٨٨]

وَقَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ»

<<  <  ج: ص:  >  >>