عَلَى الْحَافِرِ، وَلَا عَلَى الْمُعْطِي، لِأَنَّهُمْ لَمْ يُمْشُوهُ، وَلَا بَاشَرُوا إتْلَافَهُ، وَإِنَّمَا هُوَ بَاشَرَ شَيْئًا بِاخْتِيَارِهِ - وَلَا فَرْقَ بَيْنَ هَذَا بَيْنَ مَنْ غَرَّ إنْسَانًا فَقَالَ لَهُ: طَرِيقُ كَذَا أَمْنٌ هُوَ؟ فَقَالَ لَهُ: نَعَمْ، هُوَ فِي غَايَةِ الْأَمْنِ - وَهُوَ يَدْرِي أَنَّ فِي الطَّرِيقِ الْمَذْكُورِ أَسَدًا هَائِجًا، أَوْ جَمَلًا هَائِجًا، أَوْ كِلَابًا عَقَّارَةً، أَوْ قَوْمًا قَطَّاعِينَ لِلطَّرِيقِ، يَقْتُلُونَ النَّاسَ - فَنَهَضَ السَّائِلُ مُغْتَرًّا بِخَبَرِ هَذَا الْغَارِ لَهُ، فَقُتِلَ وَذَهَبَ مَالُهُ.
وَكَذَلِكَ: مَنْ رَأَى أَسَدًا فَأَرَادَ الْهُرُوبَ عَنْهُ؟ فَقَالَ لَهُ إنْسَانٌ مَنْ غَرَّ بِهِ: لَا تَخَفْ، فَإِنَّهُ مُقَيَّدٌ؟ فَاغْتَرَّ بِقَوْلِهِ وَمَشَى، فَقَتَلَهُ الْأَسَدُ - فَهَذَا كُلُّهُ لَا قَوَدَ عَلَى الْغَارِّ، وَلَا ضَمَانَ أَصْلًا فِي دَمٍ وَلَا مَالٍ، لِأَنَّهُ لَمْ يُبَاشِرْ شَيْئًا، وَلَا أَكْرَهَ؟ فَلَوْ أَنَّهُ أَكْرَهَهُ عَلَى الْمَشْيِ عَلَى الْحُفْرَةِ فَهَلَكَ فِيهَا، أَوْ طَرَحَهُ إلَى الْأَسَدِ أَوْ إلَى الْكَلْبِ؟ فَعَلَيْهِ الْقَوَدُ.
فَلَوْ طَرَحَهُ إلَى أَهْلِ الْحَرْبِ، أَوْ الْبُغَاةِ فَقَتَلُوهُ: فَهُمْ الْقَتَلَةُ لَا الطَّارِحُ - بِخِلَافِ طَرْحِهِ إلَى مَنْ لَا يَعْقِلُ، لِأَنَّ مَنْ لَا يَعْقِلُ آلَةٌ لِلطَّارِحِ.
وَكَذَلِكَ - لَوْ أَمْسَكَهُ لِأَسَدٍ فَقَتَلَهُ، أَوْ لِمَجْنُونٍ فَقَتَلَهُ، فَالْمُمْسِكُ هَاهُنَا هُوَ الْقَاتِلُ - بِخِلَافِ إمْسَاكِهِ إيَّاهُ لِقَتْلِ مَنْ يَعْقِلُ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
[مَسْأَلَةٌ طَلَب دَابَّةً فَنَادَى رَجُلًا احْبِسْهَا عَلَيَّ فَصَدَمَتْهُ فَقَتَلَتْهُ]
٢١١٦ - مَسْأَلَةٌ: رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَضَّاحٍ نا سَحْنُونٌ نا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ قَالَ فِي رَجُلٍ طَلَب دَابَّةً فَنَادَى رَجُلًا: احْبِسْهَا عَلَيَّ، فَصَدَمَتْهُ فَقَتَلَتْهُ، أَوْ رَمَاهَا فَقَتَلَهَا؟ فَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ: كِلَاهُمَا يُغَرَّمُ.
وَبِهِ - إلَى ابْنِ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَابْنُ لَهِيعَةَ: أَنَّ هِشَامًا كَتَبَ فِي رَجُلٍ ضَمَّ جَارِيَةً إلَيْهِ مِنْ دَابَّةٍ فَضَرَبَتْهَا فِي حِجْرِهِ: أَنَّ عَلَى الرَّجُلِ دِيَتَهَا - قَالَ ابْنُ لَهِيعَةَ: وَالرَّجُلُ مَوْلًى لَنَا؟ كَتَبَ تَوْبَةُ بْنُ نَمِرٍ - قَاضِي أَهْلِ مِصْرَ - إلَى هِشَامٍ فِي ذَلِكَ؟ فَكَتَبَ بِهَذَا، فَجَعَلَ الدِّيَةَ عَلَيْنَا
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: وَأَخْبَرَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ: أَنَّ هِشَامًا كَتَبَ فِي رَجُلٍ حَمَلَ صَبِيًّا فَخَرَّ فِي مَهْوَاةٍ، فَمَاتَ الصَّبِيُّ: أَنَّ ضَمَانَهُ عَلَى الْحَامِلِ، قَالَ اللَّيْثُ: وَعَلَى هَذِهِ الْفُتْيَا النَّاسُ - قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: وَبَلَغَنِي عَنْ رَبِيعَةَ أَنَّهُ قَالَ مِثْلَ ذَلِكَ قَالَ: فَإِنْ هَلَكَا جَمِيعًا فَلَا عَقْلَ لَهُمَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute