للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْحَرْثِ فَقَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: لَا يَدْخُلُ هَذَا بَيْتَ قَوْمٍ إلَّا دَخَلَهُ الذُّلُّ» .

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: لَمْ تَزَلْ الْأَنْصَارُ كُلُّهُمْ، وَكُلُّ مَنْ قَسَّمَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْضًا مِنْ فُتُوحِ بَنِي قُرَيْظَةَ، وَمَنْ أَقْطَعَهُ أَرْضًا مِنْ الْمُهَاجِرِينَ يَزْرَعُونَ وَيَغْرِسُونَ بِحَضْرَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَذَلِكَ كُلُّ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ أَهْلِ الْبَحْرَيْنِ، وَعُمَانَ، وَالْيَمَنِ، وَالطَّائِفِ، فَمَا حَضَّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَطُّ عَلَى تَرْكِهِ.

وَهَذَا الْخَبَرُ عُمُومٌ كَمَا تَرَى لَمْ يَخُصَّ بِهِ غَيْرَ أَهْلِ بِلَادِ الْعَرَبِ مِنْ أَهْلِ بِلَادِ الْعَرَبِ، وَكَلَامُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَا يَتَنَاقَضُ.

فَصَحَّ أَنَّ الزَّرْعَ الْمَذْمُومَ الَّذِي يُدْخِلُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى أَهْلِهِ الذُّلَّ هُوَ مَا تُشُوغِلَ بِهِ عَنْ الْجِهَادِ، وَهُوَ غَيْرُ الزَّرْعِ الَّذِي يُؤَجِّرُ صَاحِبَهُ، وَكُلُّ ذَلِكَ حَسَنُهُ وَمَذْمُومُهُ سَوَاءٌ - كَانَ فِي أَرْضِ الْعَرَبِ أَوْ فِي أَرْضِ الْعَجَمِ - إذْ السُّنَنُ فِي ذَلِكَ عَلَى عُمُومِهَا.

وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ أَسَدِ بْنِ مُوسَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَاشِدٍ عَنْ مَكْحُولٍ: أَنَّ الْمُسْلِمِينَ زَرَعُوا بِالشَّامِ، فَبَلَغَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، فَأَمَرَ بِإِحْرَاقِهِ وَقَدْ ابْيَضَّ، فَأُحْرِقَ، وَأَنَّ مُعَاوِيَةَ تَوَلَّى حَرْقَهُ.

وَمِنْ طَرِيقِ أَسَدِ بْنِ مُوسَى عَنْ شُرَحْبِيلَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُرَادِيِّ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ لِقَيْسِ بْنِ عَبْدِ يَغُوثَ الْمَرَادِيِّ: لَا آذَنُ لَك بِالزَّرْعِ إلَّا أَنْ تُقِرَّ بِالذُّلِّ، وَأَمْحُو اسْمَك مِنْ الْعَطَاءِ - وَأَنَّ عُمَرَ كَتَبَ إلَى أَهْلِ الشَّامِ مَنْ زَرَعَ وَاتَّبَعَ أَذْنَابَ الْبَقَرِ وَرَضِيَ بِذَلِكَ جَعَلْت عَلَيْهِ الْجِزْيَةَ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: هَذَا مُرْسَلٌ، وَأَسَدٌ ضَعِيفٌ، وَيُعِيذُ اللَّهُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْ يُحْرِقَ زُرُوعَ الْمُسْلِمِينَ وَيُفْسِدَ أَمْوَالَهُمْ، وَمِنْ أَنْ يَضْرِبَ الْجِزْيَةَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَالْعَجَبُ مِمَّنْ يَحْتَجُّ بِهَذَا، وَهُوَ أَوَّلُ مُخَالِفٍ لَهُ

[مَسْأَلَةٌ كِرَاءُ الْأَرْضِ]

١٣٢٩ - مَسْأَلَةٌ: لَا يَجُوزُ كِرَاءُ الْأَرْضِ بِشَيْءٍ أَصْلًا لَا بِدَنَانِيرَ، وَلَا بِدَرَاهِمَ، وَلَا بِعَرْضٍ، وَلَا بِطَعَامِ مُسَمًّى، وَلَا بِشَيْءٍ أَصْلًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>