للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} [النحل: ١٢٦] .

وَقَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» وَلَمْ يَسْتَثْنِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَالَمًا مِنْ غَيْرِ عَالَمٍ، وَلَا مُكَلَّفًا مِنْ غَيْرِ مُكَلَّفٍ، وَلَا عَامِدًا مِنْ غَيْرِ عَامِدٍ.

[مَسْأَلَةٌ غَصَبَ شَيْئًا وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّهُ لَهُ]

١٢٦٠ - مَسْأَلَةٌ:

فَمَنْ غَصَبَ شَيْئًا، أَوْ أَخَذَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ، لَكِنْ بِبَيْعٍ مُحَرَّمٍ، أَوْ هِبَةٍ مُحَرَّمَةٍ، أَوْ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ، أَوْ وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّهُ لَهُ: فَفَرْضٌ عَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُ إنْ كَانَ حَاضِرًا، أَوْ مَا بَقِيَ مِنْهُ إنْ تَلِفَ بَعْضُهُ - أَقَلُّهُ أَوْ أَكْثَرُهُ - وَمِثْلُ مَا تَلِفَ مِنْهُ، أَوْ يَرُدَّهُ وَمِثْلَ مَا نَقَصَ مِنْ صِفَاتِهِ، أَوْ مِثْلَهُ إنْ فَاتَتْ عَيْنُهُ - وَأَنْ يَرُدَّ كُلَّ مَا اُغْتُلَّ مِنْهُ، وَكُلَّ مَا تَوَلَّدَ مِنْهُ، كَمَا قُلْنَا سَوَاءٌ سَوَاءٌ: الْحَيَوَانُ، وَالدُّورُ، وَالشَّجَرُ، وَالْأَرْضُ، وَالرَّقِيقُ، وَغَيْرُ ذَلِكَ سَوَاءٌ فِي كُلِّ مَا قُلْنَا.

فَيَرُدَّ كُلَّ مَا اُغْتُلَّ مِنْ الشَّجَرِ، وَمِنْ الْمَاشِيَةِ: مِنْ لَبَنٍ، أَوْ صُوفٍ، أَوْ نِتَاجٍ، وَمِنْ الْعَقَارِ: الْكِرَاءِ.

وَإِنْ كَانَتْ أَمَةٌ فَأَوْلَدَهَا، فَإِنْ كَانَ عَالَمًا فَعَلَيْهِ الْحَدُّ حَدُّ الزِّنَى وَبِرَدِّهَا وَأَوْلَادِهَا وَمَا نَقَصَهَا وَطْؤُهُ، وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ حَدٍّ، وَلَا إثْمَ، لَكِنْ يَرُدُّهَا، وَيَرُدُّ أَوْلَادَهُ مِنْهَا رَقِيقًا لِسَيِّدِهَا، وَيَرُدُّ مَا نَقَصَهَا وَطْؤُهُ - وَلَا شَيْءَ لِكُلِّ مَنْ ذَكَرْنَا عَلَى الْمُسْتَحِقِّ فِيمَا أَنْفَقَ كَثُرَ أَمْ قَلَّ.

بُرْهَانُ ذَلِكَ -: مَا ذَكَرْنَا آنِفًا مِنْ الْقُرْآنِ، وَكُلُّ مَا تَوَلَّدَ مِنْ مَالِ الْمَرْءِ فَهُوَ لَهُ بِاتِّفَاقٍ مِنْ خُصُومِنَا مَعَنَا، فَمَنْ خَالَفَ مَا قُلْنَا: فَقَدْ أَبَاحَ أَكْلَ الْمَالِ بِالْبَاطِلِ، وَأَبَاحَ الْمَالَ الْحَرَامَ، وَخَالَفَ الْقُرْآنَ، وَالسُّنَنَ، بِلَا دَلِيلٍ أَصْلًا -: رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ، وَاللَّيْثِ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَأَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيُّ وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، وَمُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، كُلُّهُمْ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَلَا لَا يَحْلِبَنَّ أَحَدٌ مَاشِيَةَ أَحَدٍ إلَّا بِإِذْنِهِ، أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تُؤْتَى مَشْرُبَتُهُ فَتُكْسَرَ خِزَانَتُهُ فَيُنْتَقَلَ طَعَامُهُ، فَإِنَّمَا تَخْزُنُ لَهُمْ ضُرُوعُ مَوَاشِيهِمْ أَطْعِمَتَهُمْ» وَهَذَا نَصُّ قَوْلِنَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>