[مَسْأَلَةٌ إعْتَاق الْإِمَام مِنْ الزَّكَاةِ]
مَسْأَلَةٌ: الْفُقَرَاءُ هُمْ الَّذِينَ لَا شَيْءَ لَهُمْ أَصْلًا. وَالْمَسَاكِينُ: هُمْ الَّذِينَ لَهُمْ شَيْءٌ لَا يَقُومُ بِهِمْ.
بُرْهَانُ ذَلِكَ -: أَنَّهُ لَيْسَ إلَّا مُوسِرٌ، أَوْ غَنِيٌّ، أَوْ فَقِيرٌ، أَوْ مِسْكِينٌ، فِي الْأَسْمَاءِ. وَمَنْ لَهُ فَضْلٌ عَنْ قُوتِهِ. وَمَنْ لَا يَحْتَاجُ إلَى أَحَدٍ وَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ عَنْهُ شَيْءٌ. وَمَنْ لَهُ مَا لَا يَقُومُ بِنَفْسِهِ مِنْهُ. وَمَنْ لَا شَيْءَ لَهُ فَهَذِهِ مَرَاتِبُ أَرْبَعٌ مَعْلُومَةٌ بِالْحِسِّ.
فَالْمُوسِرُ بِلَا خِلَافٍ: هُوَ الَّذِي يَفْضُلُ مَالُهُ عَنْ قُوتِهِ وَقُوتِ عِيَالِهِ عَلَى السَّعَةِ.
وَالْغَنِيُّ: هُوَ الَّذِي لَا يَحْتَاجُ إلَى أَحَدٍ وَإِنْ كَانَ لَا يَفْضُلُ عَنْهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ فِي غِنًى عَنْ غَيْرِهِ.
وَكُلُّ مُوسِرٍ غَنِيٌّ، وَلَيْسَ كُلُّ غَنِيٍّ مُوسِرًا -: فَإِنْ قِيلَ: لِمَ فَرَّقْتُمْ بَيْنَ الْمِسْكِينِ، وَالْفَقِيرِ؟ قُلْنَا: لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى فَرَّقَ بَيْنَهُمَا، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ فِي شَيْئَيْنِ فَرَّقَ اللَّهُ تَعَالَى بَيْنَهُمَا: إنَّهُمَا شَيْءٌ وَاحِدٌ، إلَّا بِنَصٍّ أَوْ إجْمَاعٍ أَوْ ضَرُورَةِ حِسٍّ؛ فَإِذْ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: {أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ} [الكهف: ٧٩] سَمَّاهُمْ اللَّهُ تَعَالَى مَسَاكِينَ وَلَهُمْ سَفِينَةٌ؛ وَلَوْ كَانَتْ تَقُومُ بِهِمْ لَكَانُوا أَغْنِيَاءَ بِلَا خِلَافٍ. فَصَحَّ اسْمُ الْمِسْكِينِ بِالنَّصِّ لِمَنْ هَذِهِ صِفَتُهُ.
وَبَقِيَ الْقِسْمُ الرَّابِعُ: وَهُوَ مَنْ لَا شَيْءَ لَهُ أَصْلًا؛ وَلَمْ يَبْقَ لَهُ مِنْ الْأَسْمَاءِ إلَّا الْفَقِيرُ، فَوَجَبَ ضَرُورَةً أَنَّهُ ذَاكَ. وَرُوِّينَا مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ ثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ثنا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَخْبَرَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى ثنا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَيْسَ الْمِسْكِينُ الَّذِي تَرُدُّهُ الْأَكْلَةُ وَالْأَكْلَتَانِ، وَالتَّمْرَةُ وَالتَّمْرَتَانِ، قَالُوا: فَمَا الْمِسْكِينُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: الْمِسْكِينُ الَّذِي لَا يَجِدُ غِنًى، وَلَا يَفْطِنُ لِحَاجَتِهِ فَيُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ» . قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: فَصَحَّ أَنَّ الْمِسْكِينَ هُوَ الَّذِي لَا يَجِدُ غِنًى إلَّا أَنَّ لَهُ شَيْئًا لَا يَقُومُ لَهُ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute