عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ الزُّهْرِيِّ أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ أَخْبَرَنِي «جُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ أَنَّهُ جَاءَ هُوَ وَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ يُكَلِّمَانِ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيمَا قَسَمَ مِنْ الْخُمْسِ بَيْنَ بَنِي هَاشِمٍ، وَبَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَسَمْتَ لِإِخْوَانِنَا بَنِي الْمُطَّلِبِ وَلَمْ تُعْطِنَا شَيْئًا، وَقَرَابَتُنَا وَقَرَابَتُهُمْ مِنْكَ وَاحِدَةٌ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا بَنُو هَاشِمٍ، وَبَنُو الْمُطَّلِبِ شَيْءٌ وَاحِدٌ» . فَصَحَّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ حُكْمِهِمْ فِي شَيْءٍ أَصْلًا؛ لِأَنَّهُمْ شَيْءٌ وَاحِدٌ بِنَصِّ كَلَامِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -؛ فَصَحَّ أَنَّهُمْ آلُ مُحَمَّدٍ، وَإِذْ هُمْ آلُ مُحَمَّدٍ فَالصَّدَقَةُ عَلَيْهِمْ حَرَامٌ؛ فَيَخْرُجُ بَنُو عَبْدِ شَمْسٍ، وَبَنُو نَوْفَلٍ ابْنَيْ عَبْدِ مَنَافٍ، وَسَائِرُ قُرَيْشٍ عَنْ هَذَيْنِ: الْبَطْنَيْنِ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
وَلَا يَحِلُّ لِهَذَيْنِ الْبَطْنَيْنِ صَدَقَةُ فَرْضٍ وَلَا تَطَوُّعٍ أَصْلًا، لِعُمُومِ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِمُحَمَّدٍ وَلَا لِآلِ مُحَمَّدٍ» فَسَوَّى بَيْنَ نَفْسِهِ وَبَيْنَهُمْ، وَأَمَّا مَا لَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ صَدَقَةٍ مُطْلَقَةٍ فَهُوَ حَلَالٌ لَهُمْ، كَالْهِبَةِ، وَالْعَطِيَّةِ، وَالْهَدِيَّةِ، وَالنُّحْلِ، وَالْحَبْسِ، وَالصِّلَةِ، وَالْبِرِّ، وَغَيْرِ ذَلِكَ، لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ نَصٌّ بِتَحْرِيمِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ وَأَمَّا قَوْلُنَا: لَا تُجْزِئُ إنْ وُضِعَتْ فِي يَدِ مَنْ لَا تَجُوزُ لَهُ - فَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَمَّاهَا لِقَوْمٍ خَصَّهُمْ بِهَا؛ فَصَارَ حَقُّهُمْ فِيهَا؛ فَمَنْ أَعْطَى مِنْهَا غَيْرَهُمْ فَقَدْ خَالَفَ مَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ.
وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» فَوَجَبَ عَلَى الْمُعْطِي إيصَالُ مَا عَلَيْهِ إلَى مَنْ هُوَ لَهُ، وَوَجَبَ عَلَى الْآخِذِ رَدُّ مَا أَخَذَ بِغَيْرِ حَقٍّ. قَالَ تَعَالَى: {وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [البقرة: ١٨٨] .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute