للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُزَفَّتِ، وَالْحَنْتَمِ، وَالْمُقَيَّرِ - وَهَذَا فَاسِدٌ جِدًّا؛ لِأَنَّهُ قَوْلٌ بِلَا بُرْهَانٍ وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا قَبْلَهُ قَسَّمَ هَذَا التَّقْسِيمَ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَقَدْ ذَكَرْنَا: فِيمَا يَحِلُّ أَكْلُهُ وَيَحْرُمُ تَحْرِيمُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْأَكْلَ.

وَالشُّرْبَ فِي إنَاءِ الذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ أَوْ إنَاءِ أَهْلِ الْكِتَابِ إلَّا أَنْ لَا يُوجَدَ غَيْرُهُ فَيَغْسِلَ بِالْمَاءِ وَيَحِلُّ ذَلِكَ فِيهِ حِينَئِذٍ، وَالْبُرْهَانُ عَلَى تَحْرِيمِ اسْتِعْمَالِ الْإِنَاءِ الْمَأْخُوذِ بِغَيْرِ حَقٍّ وَذَكَرْنَا فِي " كِتَابِ الطَّهَارَةِ " تَحْرِيمَ جِلْدِ الْمَيْتَةِ قَبْلَ أَنْ يَدْبُغَ، فَبَقِيَ كُلُّ هَذَا عَلَى التَّحْرِيمِ لِصِحَّةِ الْبُرْهَانِ بِأَنَّ كُلَّ ذَلِكَ لَمْ يُنْسَخْ مُذْ حُرِّمَ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

[مَسْأَلَةٌ إبَاحَةَ الْخَمْرِ لِمَنْ اُضْطُرَّ إلَيْهَا]

١١٠٣ - مَسْأَلَةٌ: وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي " كِتَابِ مَا يَحِلُّ أَكْلُهُ وَمَا يَحْرُمُ " مِنْ هَذَا الدِّيوَانِ إبَاحَةَ الْخَمْرِ لِمَنْ اُضْطُرَّ إلَيْهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} [الأنعام: ١١٩] فَأَغْنَى عَنْ إعَادَتِهِ.

[مَسْأَلَةٌ مَا لَا يَحِلّ شُرْبُهُ فَلَا يَحِلُّ بَيْعُهُ وَلَا إمْسَاكُهُ وَلَا الِانْتِفَاعُ بِهِ]

١١٠٤ - مَسْأَلَةٌ: وَكُلُّ مَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ لَا يَحِلُّ شُرْبُهُ فَلَا يَحِلُّ بَيْعُهُ وَلَا إمْسَاكُهُ، وَلَا الِانْتِفَاعُ بِهِ، فَمَنْ خَلَّلَهُ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ - وَحَلَّ أَكْلُ ذَلِكَ الْخَلِّ، إلَّا أَنَّ مِلْكَهُ قَدْ سَقَطَ عَنْ الشَّرَابِ الْحَلَالِ إذَا أَسْكَرَ وَصَارَ خَمْرًا فَمَنْ سَبَقَ إلَيْهِ مِنْ أَحَدٍ بِغَلَبَةٍ أَوْ بِسَرِقَةٍ فَهُوَ حَلَالٌ، إلَّا أَنْ يَسْبِقَ الَّذِي خَلَّلَهُ إلَى تَمَلُّكِهِ فَهُوَ حِينَئِذٍ لَهُ، كَمَا لَوْ سَبَقَ إلَيْهِ غَيْرِهِ، وَلَا فَرْقَ؛ لِمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ نَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ نَا عَبْدُ الْأَعْلَى أَبُو هَمَّامٍ نَا سَعِيدٌ الْجُرَيْرِيُّ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَخْطُبُ بِالْمَدِينَةِ قَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُعَرِّضُ بِالْخَمْرِ، وَلَعَلَّ اللَّهَ سَيُنْزِلُ فِيهَا أَمْرًا فَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ مِنْهَا شَيْءٌ فَلْيَبِعْهُ وَلْيَنْتَفِعْ بِهِ؟ فَمَا لَبِثْنَا إلَّا يَسِيرًا حَتَّى قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّ اللَّهَ حَرَّمَ الْخَمْرَ فَمَنْ أَدْرَكَتْهُ هَذِهِ الْآيَةُ وَعِنْدَهُ مِنْهَا شَيْءٌ فَلَا يَشْرَبْ وَلَا يَبِعْ، قَالَ: فَاسْتَقْبَلَ النَّاسُ بِمَا كَانَ عِنْدَهُمْ مِنْهَا فِي طَرِيقِ الْمَدِينَةِ فَسَفَكُوهَا» .

وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ، وَسُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ، قَالَ مَالِكٌ: عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، وَقَالَ سُلَيْمَانُ: عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ، ثُمَّ اتَّفَقَ زَيْدٌ، وَيَحْيَى، كِلَاهُمَا عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَعْلَةَ السَّبَائِيِّ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ رَجُلًا أَهْدَى لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَاوِيَةَ خَمْرٍ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَلْ عَلِمْتَ أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَهَا؟ قَالَ: لَا، فَسَارَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>