للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إمَّا أَنْ سَدَى تِلْكَ الثِّيَابِ كَانَ كَتَّانًا. وَإِمَّا أَنَّهُمْ لَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ حَرِيرٌ؛ وَهَذَا هُوَ الَّذِي لَا يَجُوزُ أَنْ يُظَنَّ بِهِمْ غَيْرُهُ. وَإِمَّا أَنَّهُمْ اسْتَغْفَرُوا اللَّهَ تَعَالَى مِنْ لِبَاسِهِ، فَأَقَلُّ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِهِمْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُغَطِّي عَلَى أَضْعَافِ هَذَا، وَلَيْسَ غَيْرُهُمْ مِثْلَهُمْ، فَنِصْفُ مُدِّ شَعِيرٍ يَتَصَدَّقُ بِهِ أَحَدُهُمْ يَفْضُلُ جَمِيعَ أَعْمَالِ أَحَدِنَا لَوْ عَمَّرَ مِائَةَ سَنَةٍ؛ لِأَنَّ نِصْفَ مُدِّ أَحَدِهِمْ أَفْضَلُ مِنْ جَبَلِ أَحَدٍ ذَهَبًا نُنْفِقُهُ نَحْنُ فِي وُجُوهِ الْبِرِّ؛ وَمَا نَعْلَمُ أَحَدًا يُنْفِقُ فِي الْبِرِّ زِنَةَ حَجَرٍ ضَخْمٍ مِنْ حِجَارَةِ أَحَدٍ فَكَيْفَ الْجَبَلُ كُلُّهُ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. وَأَمَّا مَنْ اُضْطُرَّ إلَيْهِ خَوْفَ الْبَرْدِ فَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} [الأنعام: ١١٩]

[مَسْأَلَةٌ قِرَاءَة الْمُصَلِّي الْقُرْآنَ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ]

٣٩٦ - مَسْأَلَةٌ: وَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ فِي رُكُوعِهِ وَلَا فِي سُجُودِهِ، فَإِنْ تَعَمَّدَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَإِنْ نَسِيَ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ أَنْ اطْمَأَنَّ وَسَبَّحَ كَمَا أُمِرَ أَجْزَأَهُ سُجُودُ السَّهْوِ وَتَمَّتْ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ زَادَ فِي صَلَاتِهِ سَاهِيًا مَا لَيْسَ مِنْهَا، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي جَمِيعِ رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ أَلْغَى تِلْكَ السَّجْدَةَ أَوْ الرَّكْعَةَ وَكَانَ كَأَنْ لَمْ يَأْتِ بِهَا، وَأَتَمَّ صَلَاتَهُ وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِذَلِكَ كَمَا أُمِرَ، وَقَدْ قَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» . حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ثِنَا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ ثِنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى ثِنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ثِنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ ثِنَا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ أَنَا زُهَيْرِ بْنُ حَرْبٍ ثِنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ أَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ سُحَيْمٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْبَدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «كَشَفَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - السِّتَارَةَ وَالنَّاسُ صُفُوفٌ خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ، فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، إنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ مُبَشِّرَاتِ النُّبُوَّةِ إلَّا الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ يَرَاهَا الْمُسْلِمُ أَوْ تُرَى لَهُ، أَلَا وَإِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ رَاكِعًا، أَوْ سَاجِدًا، فَأَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ وَأَمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ فَقَمِنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ» . قَالَ عَلِيٌّ: فَإِنْ قِيلَ: قَدْ رُوِيَ هَذَا الْمَعْنَى مِنْ طَرِيقِ عَلِيٍّ وَفِيهِ «نَهَانِي وَلَا أَقُولُ نَهَاكُمْ» قُلْنَا: نَعَمْ، وَلَيْسَ فِي هَذَا الْخَبَرِ إلَّا نَهْيُ عَلِيٍّ، وَفِي الَّذِي ذَكَرْنَا نَهْيُ الْكُلِّ؛ لِأَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>