وَأَيْضًا - فَإِنَّهُمْ قَدْ نَقَضُوا هَذَا الْقِيَاسِ، فَلَمْ يَقِيسُوا قَاتِلَ الدَّجَاجِ الْإِنْسِيِّ عَلَى الصَّيْدِ الْمُحَرَّمِ فِي الْإِحْرَامِ، وَلَا قَاسُوا الْأَنْعَامَ، وَالْخَيْلَ - عِنْدَ مَنْ يُبِيحُهَا - عَلَى ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ مِنْ الصَّيْدِ، وَكَانَ هَذَا كُلُّهُ نَصًّا أَوْ إجْمَاعًا مُتَيَقَّنًا فَصَحَّ أَنَّ الْقَطْعَ وَاجِبٌ عَلَى مَنْ سَرَقَ صَيْدًا مُتَمَلَّكًا، كَمَا هُوَ وَاجِبٌ فِي سَائِرِ الْأَمْوَالِ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
[مَسْأَلَة فِيمَنْ سَرَقَ خَمْرًا لِذِمِّيٍّ أَوْ لِمُسْلِمٍ أَوْ سَرَقَ خِنْزِيرًا أَوْ مَيْتَةً]
٢٢٧٥ - مَسْأَلَةٌ: فِيمَنْ سَرَقَ خَمْرًا لِذِمِّيٍّ، أَوْ لِمُسْلِمٍ، أَوْ سَرَقَ خِنْزِيرًا كَذَلِكَ، أَوْ مَيْتَةً كَذَلِكَ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: نا حُمَامٌ نا ابْنُ مُفَرِّجٍ نا ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ نا الدَّبَرِيُّ نا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: مَنْ سَرَقَ خَمْرًا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، قَالَ عَطَاءٌ: زَعَمُوا فِي الْخَمْرِ، وَالْخِنْزِيرِ، يَسْرِقُهُ الْمُسْلِمُ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ يُقْطَعُ، مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ حَلَّ لَهُمْ فِي دِينِهِمْ، وَإِنْ سَرَقَ ذَلِكَ مِنْ مُسْلِمٍ فَلَا قَطْعَ عَلَيْهِ.
وَبِهِ - إلَى عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: مَنْ سَرَقَ خَمْرًا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ قُطِعَ.
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا قَطْعَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ، وَلَكِنْ يَغْرَمُ لَهَا مِثْلَهَا - وَهَذَا قَوْلُ شُرَيْحٍ، وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَمَالِكٍ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَأَصْحَابِهِمْ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا قَطْعَ عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَلَا ضَمَانَ - وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ، وَأَصْحَابِهِمَا - وَبِهِ يَقُولُ أَصْحَابُنَا؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ، فَرَأَيْنَا قَوْلَ مَنْ أَوْجَبَ الضَّمَانَ وَأَسْقَطَ الْقَطْعَ، فِي غَايَةِ الْفَسَادِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو الْخَمْرُ، وَالْخِنْزِيرُ، مِنْ أَنْ يَكُونَا مَالًا لِلذِّمِّيِّ لَهُ قِيمَةٌ، أَوْ لَا يَكُونَا مَالًا لَهُ، وَلَا سَبِيلَ إلَى قِسْمٍ ثَالِثٍ أَصْلًا، فَإِنْ كَانَتْ الْخَمْرُ، وَالْخِنْزِيرُ، مَالًا لِلذِّمِّيِّ، لَهُمَا قِيمَةٌ، فَالْقَطْعُ فِيهِمَا وَاجِبٌ - عَلَى أُصُولِهِمْ - إذَا بَلَغَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا فِيهِ الْقَطْعُ.
وَإِنْ كَانَ الْخَمْرُ، وَالْخِنْزِيرُ، لَا قِيمَةَ لَهُمَا، وَلَيْسَا مَالًا لِلذِّمِّيِّ، فَبِأَيِّ وَجْهٍ قَضَوْا بِضَمَانِ مَا لَا قِيمَةَ لَهُ، وَلَا هُوَ مَالٌ، وَهَلْ هَذَا مِنْهُمْ إلَّا قَضَاءٌ بِالْبَاطِلِ؟ وَإِيكَالُ مَالٍ بِغَيْرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute