وَأَوَّلُ مَنْ أَمَرَ أَنْ لَا تُؤْخَذَ رِوَايَتُهُ فَمَالِكٌ، ثُمَّ عَنْ صَالِحٍ مَوْلَى التَّوْأَمَةِ، وَأَوَّلُ مَنْ ضَعَّفَهُ فَمَالِكٌ فَيَا لِلَّهِ وَيَا لِلْمُسْلِمِينَ إذَا رَوَى الثِّقَاتُ خَبَرًا يُخَالِفُ رَأْيَهُمْ تَحَيَّلُوا بِالْأَبَاطِيلِ فِي رَدِّهِ، وَإِذَا رَوَى مَنْ يَشْهَدُونَ عَلَيْهِ بِالْكَذِبِ مَا يُوَافِقُهُمْ احْتَجُّوا بِهِ، فَأَيُّ دِينٍ يَبْقَى مَعَ هَذَا؟ فَإِنْ قَالَ الشَّافِعِيُّونَ: مَرَاسِيلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ حُجَّةٌ بِخِلَافِ غَيْرِهِ؟ قُلْنَا لَهُمْ: السَّاعَةُ صَارَتْ حُجَّةً؟ فَدُونَكُمْ مَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ نا حَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ عَنْ ابْنِ حَرْمَلَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُبَاعَ الْحَيَوَانُ بِالْمَفَاطِيمِ مِنْ الْغَنَمِ فَقُولُوا بِهِ، وَإِلَّا فَقَدْ تَلَاعَبْتُمْ، وَاتَّقُوا اللَّهَ» .
وَقَدْ رُوِيَتْ فِي هَذِهِ آثَارٌ أَيْضًا بِزِيَادَةٍ، فَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ طَلْقٍ: أَنَّ رَجُلًا نَحَرَ جَزُورًا فَجَعَلَ يَبِيعُ الْعُضْوَ بِالشَّاةِ، وَبِالْقَلُوصِ، إلَى أَجَلٍ فَكَرِهَ ذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ.
وَمِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ أَنَا إسْرَائِيلُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِصْمَةَ سَمِعْت ابْنَ عَبَّاسٍ وَسُئِلَ عَمَّنْ اشْتَرَى عُضْوًا مِنْ جَزُورٍ قَدْ نُحِرَتْ بِرِجْلِ عِنَاقٍ وَشُرِطَ عَلَى صَاحِبِهَا أَنْ يُرْضِعَهَا حَتَّى تُفْطَمَ؟ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَا يَصْلُحُ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: هَذَا شَرْطٌ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى فَهُوَ بَاطِلٌ.
وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ أَنَا مَعْمَرٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ رَجُلٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَا بَأْسَ أَنْ يُبَاعَ اللَّحْمُ بِالشَّاةِ.
فَإِنْ قِيلَ: هَذَا عَنْ رَجُلٍ؟ قُلْنَا: وَخَبَرُ أَبِي بَكْرٍ عَنْ ابْنِ أَبِي يَحْيَى وَلَيْسَ بِأَوْثَقَ مِمَّنْ سَكَتَ عَنْهُ كَائِنًا مَنْ كَانَ.
وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ: لَا بَأْسَ بِالشَّاةِ الْقَائِمَةِ بِالْمَذْبُوحَةِ.
[مَسْأَلَة بَيْع الشَّيْء قَبْل قبضه]
١٥٠٨ - مَسْأَلَةٌ:
وَمَنْ ابْتَاعَ شَيْئًا أَيَّ شَيْءٍ كَانَ مِمَّا يَحِلُّ بَيْعُهُ، حَاشَ الْقَمْحَ، فَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ حَتَّى يَقْبِضَهُ، وَقَبْضُهُ لَهُ: هُوَ أَنْ يُطْلِقَ يَدَهُ عَلَيْهِ بِأَنْ لَا يُحَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ، فَإِنْ لَمْ يَحُلْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ مُدَّةٌ مَا قَلَّتْ أَمْ كَثُرَتْ ثُمَّ حِيلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ بِغَصْبٍ أَوْ غَيْرِهِ: حَلَّ لَهُ بَيْعُهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ قَبَضَهُ، وَلَهُ أَنْ يَهَبَهُ، وَأَنْ يُؤَاجِرَ بِهِ، وَأَنْ يُصْدِقَهُ، وَأَنْ يُقْرِضَهُ، وَأَنْ يُسَلِّمَهُ، وَأَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ، وَقَبْلَ أَنْ تُطْلَقَ يَدُهُ عَلَيْهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute