للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّونَ بِمَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ بَيْعِ الْحَيَوَانِ بِاللَّحْمِ» .

وَمِنْ طَرِيقِ الْحَجَّاجِ بْنِ الْمِنْهَالِ أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ النُّمَيْرِيُّ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ الْأَيْلِيِّ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: سَمِعْت سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ يَقُولُ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُبْتَاعَ الْحَيُّ بِالْمَيِّتِ» قَالَ الزُّهْرِيُّ: فَلَا يَصْلُحُ بِشَاةٍ حَيَّةٍ.

وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي يَحْيَى عَنْ صَالِحٍ مَوْلَى التَّوْأَمَةِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ رَجُلًا أَرَادَ أَنْ يَبِيعَ جُزْءًا مِنْ لَحْمِ بَعِيرٍ بِشَاةٍ؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ: لَا يَصْلُحُ هَذَا.

وَصَحَّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ: أَنْ لَا يُبَاعَ حَيٌّ بِمَذْبُوحٍ، وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَعِيرٍ بِغَنَمٍ مَعْدُودَةٍ إنْ كَانَ يُرِيدُ الْبَعِيرَ لِيَنْحَرَهُ.

وَقَالَ: كَانَ مِنْ مَيْسِرِ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ بَيْعُ اللَّحْمِ بِالشَّاةِ.

وَقَالَ أَبُو الزِّنَادِ: أَدْرَكْت النَّاسَ يَنْهَوْنَ عَنْ بَيْعِ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ وَيَكْتُبُونَهُ فِي عُهُودِ الْعُمَّالِ فِي زَمَنِ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ، وَهِشَامِ بْنِ إسْمَاعِيلَ وَذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْفُقَهَاءِ السَّبْعَةِ، وَأَنَّهُمْ كَانُوا يُعَظِّمُونَ ذَلِكَ وَلَا يَتَرَخَّصُونَ فِيهِ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: أَمَّا الْخَبَرُ فِي ذَلِكَ فَمُرْسَلٌ لَمْ يُسْنَدْ قَطُّ، وَالْعَجَبُ مِنْ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ: إنَّ الْمُرْسَلَ لَا يَجُوزُ الْأَخْذُ بِهِ، ثُمَّ أَخَذَ هَهُنَا بِالْمُرْسَلِ.

ثُمَّ عَجَبٌ آخَرُ مِنْ الْحَنَفِيِّينَ الْقَائِلِينَ: الْمُرْسَلُ كَالْمُسْنَدِ، ثُمَّ خَالَفُوا هَذَا الْمُرْسَلَ الَّذِي لَيْسَ فِي الْمَرَاسِيلِ أَقْوَى مِنْهُ وَهَذَا مِمَّا خَالَفَ فِيهِ الْحَنَفِيُّونَ جُمْهُورَ الْعُلَمَاءِ.

ثُمَّ الْمَالِكِيُّونَ: فَعَجَبٌ ثَالِثٌ؛ لِأَنَّهُمْ احْتَجُّوا بِهَذَا الْخَبَرِ، وَأَوْهَمُوا أَنَّهُمْ أَخَذُوا بِهِ، وَهُمْ قَدْ خَالَفُوهُ؛ لِأَنَّهُمْ أَبَاحُوا لَحْمَ الطَّيْرِ بِالْغَنَمِ، وَهَذَا خِلَافُ الْخَبَرِ وَإِنَّمَا هُوَ مُوَافِقٌ لِقَوْلِ الشَّافِعِيِّ.

وَقَدْ خَالَفَ مَالِكٌ أَيْضًا هَهُنَا مَا رُوِيَ عَنْ الْفُقَهَاءِ السَّبْعَةِ، وَعَمَلِ الْوُلَاةِ بِالْمَدِينَةِ، وَهَذَا يُعَظِّمُهُ جِدًّا إذَا وَافَقَ رَأْيَهُمْ وَاحْتَجُّوا بِخَبَرِ أَبِي بَكْرٍ وَهُوَ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ أَبِي يَحْيَى إبْرَاهِيمَ،

<<  <  ج: ص:  >  >>