عَنْ أَبِيهِ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ: إنِّي سَرَقْت، فَرَدَّهُ، فَقَالَ: إنِّي سَرَقْت، فَقَالَ: شَهِدْت عَلَى نَفْسِكَ مَرَّتَيْنِ، فَقَطَعَهُ - قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: فَرَأَيْت يَدَهُ فِي عُنُقِهِ مُعَلَّقَةً.
وَبِهِ - إلَى عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: قُلْت لِعَطَاءٍ: رَجُلٌ شَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ مَرَّةً وَاحِدَةً؟ قَالَ: حَسْبُهُ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: إنَّمَا أَوْرَدْنَا هَذَا لِئَلَّا يَشْغَبُوا فِيمَا يَذْكُرُونَهُ مِنْ إحْضَارِ السَّرِقَةِ بِمَا ذَكَرْنَا عَنْ ابْنِ عُمَرَ، فَأَوْجَدْنَاهُمْ عَنْ عَلِيٍّ أَصَحَّ مِمَّا وَجَدُوا لِابْنِ عُمَرَ قَطْعًا، بِغَيْرِ إحْضَارِ السَّرِقَةِ، وَكَذَلِكَ عَنْ عَطَاءٍ - وَإِلَّا فَلَا حُجَّةَ فِي أَحَدٍ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَقَالَ بَعْضُ مَنْ لَا يَرَى دَرْءَ الْحَدِّ عَنْ السَّارِقِ بِرُجُوعِهِ: أَنَّهُ إنْ أَقَرَّ ثُمَّ رَجَعَ فَلَا قَطْعَ عَلَيْهِ، لَكِنْ يَغْرَمُ السَّرِقَةَ الَّذِي أَقَرَّ أَنَّهُ سَرَقَهَا مِنْهُ - وَهَذَا تَنَاقُضٌ وَخَطَأٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُقِرَّ لَهُ بِشَيْءٍ إلَّا عَلَى وَجْهِ السَّرِقَةِ؟ قُلْنَا: فَلَا يَخْلُو إقْرَارُهُ ذَلِكَ ضَرُورَةً مِنْ أَحَدِ وَجْهَيْنِ، لَا ثَالِثَ لَهُمَا: إمَّا أَنْ يَكُونَ صَادِقًا فِي أَنَّهُ سَرَقَ مِنْهُ مَا ذَكَرَ - أَوْ يَكُونَ كَاذِبًا فِي ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ صَادِقًا فَقَدْ عَطَّلُوا الْفَرْضَ، إذْ لَمْ يُنَفِّذُوا عَلَيْهِ مَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ مِنْ قَطْعِ - يَدِ السَّارِقِ - وَإِنْ كَانَ كَاذِبًا فَقَدْ ظَلَمُوهُ، إذْ غَرَّمُوهُ مَا لَمْ يَجِبْ لَهُ عِنْدَهُ قَطُّ، وَلَا صَحَّ إقْرَارُهُ بِهِ، فَهُمْ بَيْنَ تَعْطِيلِ الْفَرْضِ، أَوْ ظُلْمٍ فِي إبَاحَةِ مَالٍ مُحَرَّمٍ - وَكِلَاهُمَا لَا يَحِلُّ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
[مَسْأَلَة أختلاف الشَّهَادَة فِي السَّرِقَة]
٢٢٨٠ - مَسْأَلَةٌ: اخْتِلَافُ الشَّهَادَةِ فِي ذَلِكَ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، وَأَبُو ثَوْرٍ: إنْ اخْتَلَفَ الشَّاهِدَانِ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا: سَرَقَ بَقَرَةً، وَقَالَ الْآخَرُ: بَلْ ثَوْرًا - أَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا: سَرَقَ بَقَرَةً حَمْرَاءَ، وَقَالَ الْآخَرُ: بَلْ سَوْدَاءَ - أَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا: سَرَقَ يَوْمَ الْخَمِيسِ، وَقَالَ الْآخَرُ: بَلْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَلَا قَطَعَ عَلَيْهِ - فَإِنْ قَالَ أَحَدُهُمَا: سَرَقَ بَقَرَةً حَمْرَاءَ، وَقَالَ الْآخَرُ: بَلْ سَوْدَاءَ فَعَلَيْهِ الْقَطْعُ.
وَقَالَ مَالِكٌ: إنْ قَالَ: أَحَدُ الشَّاهِدِينَ: سَرَقَ يَوْمَ الْخَمِيسِ، وَقَالَ الْآخَرُ: بَلْ يَوْمَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute