للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثَلَاثٍ، إلَّا أَنْ يَكُونَ الْحَاضِرُ، أَوْ مَنْ ذَكَرْنَا مَرِيضًا، إلَّا بِرِضَى الْخَصْمِ - وَهَذَا خِلَافُ السُّنَّةِ وَتَحْدِيدٌ بِلَا بُرْهَانٍ وَقَوْلٌ لَا نَعْلَمُ أَحَدًا قَالَ قَبْلَهُ.

وَقَالَ الْمَالِكِيُّونَ: لَا نَتَكَلَّمُ فِي الْحُقُوقِ إلَّا بِتَوْكِيلِ صَاحِبِهَا - وَهَذَا بَاطِلٌ لِمَا ذَكَرْنَا - وَلِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ} [النساء: ١٣٥] . وقَوْله تَعَالَى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: ٢] فَوَاجِبٌ بِمَا ذَكَرْنَا إنْكَارُ الظُّلْمِ، وَطَلَبُ الْحَقِّ لِحَاضِرٍ وَغَائِبٍ، مَا لَمْ يَتْرُكْ حَقَّهُ الْحَاضِرَ - سَوَاءٌ بِتَوْكِيلٍ أَوْ بِغَيْرِ تَوْكِيلٍ. وَطَلَبُ الْحَقِّ قَدْ وَجَبَ، وَلَا يَمْنَعُ مِنْ طَلَبِهِ قَوْلُ الْقَائِلِ: لَعَلَّ صَاحِبَهُ لَا يُرِيدُ طَلَبَهُ، وَيُقَالُ لَهُ: قَدْ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِطَلَبِهِ، فَلَا يُسْقِطُ هَذَا الْيَقِينَ مَا يَتَوَقَّعُهُ بِالظَّنِّ.

[مَسْأَلَةٌ الْوَكَالَة عَلَى طَلَاقٍ]

١٣٦٣ - مَسْأَلَةٌ: وَلَا تَجُوزُ وَكَالَةٌ عَلَى طَلَاقٍ، وَلَا عَلَى عِتْقٍ، وَلَا عَلَى تَدْبِيرٍ، وَلَا عَلَى رَجْعَةٍ، وَلَا عَلَى إسْلَامٍ، وَلَا عَلَى تَوْبَةٍ، وَلَا عَلَى إقْرَارٍ، وَلَا عَلَى إنْكَارٍ، وَلَا عَلَى عَقْدِ الْهِبَةِ، وَلَا عَلَى الْعَفْوِ، وَلَا عَلَى الْإِبْرَاءِ، وَلَا عَلَى عَقْدِ ضَمَانٍ، وَلَا عَلَى رِدَّةٍ، وَلَا عَلَى قَذْفٍ، وَلَا عَلَى صُلْحٍ، وَلَا عَلَى إنْكَاحٍ مُطَاقٍ بِغَيْرِ تَسْمِيَةِ الْمُنْكَحَةِ وَالنَّاكِحِ؛ لِأَنَّ كُلَّ ذَلِكَ إلْزَامُ حُكْمٍ لَمْ يَلْزَمْ قَطُّ، وَحَلُّ عَقْدٍ ثَابِتٍ، وَنَقْلُ مِلْكٍ بِلَفْظٍ.

فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَكَلَّمَ أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ إلَّا حَيْثُ أَوْجَبَ ذَلِكَ نَصٌّ، وَلَا نَصَّ عَلَى جَوَازِ الْوَكَالَةِ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْوُجُوهِ.

وَالْأَصْلُ أَنْ لَا يَجُوزَ قَوْلُ أَحَدٍ عَلَى غَيْرِهِ، وَلَا حُكْمُهُ عَلَى غَيْرِهِ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلا عَلَيْهَا وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: ١٦٤] وَكُلُّ مَا ذَكَرْنَا كَسْبٌ عَلَى غَيْرِهِ وَحُكْمٌ بِالْبَاطِلِ يُمْضِيهِ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

[مَسْأَلَةٌ لَا يَحِلُّ لِلْوَكِيلِ تَعَدِّي مَا أَمَرَهُ بِهِ مُوَكِّلُهُ]

١٣٦٤ - مَسْأَلَةٌ: وَلَا يَحِلُّ لِلْوَكِيلِ تَعَدِّي مَا أَمَرَهُ بِهِ مُوَكِّلُهُ فَإِنْ فَعَلَ لَمْ يَنْفُذْ فِعْلُهُ فَإِنْ فَاتَ ضَمِنَ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [البقرة: ١٩٠] وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: ١٩٤] فَوَجَبَ مِنْ هَذَا أَنَّ مَنْ أَمَرَهُ مُوَكِّلُهُ بِأَنْ يَبْتَاعَ لَهُ شَيْئًا بِثَمَنٍ مُسَمًّى، أَوْ يَبِيعَهُ لَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>