للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُرْضِعِ وَإِنَّمَا نَزَلَتْ فِي حَالٍ وَقَدْ نُسِخَتْ وَبَطَلَتْ. وَالشَّيْخُ، وَالْعَجُوزُ اللَّذَانِ لَا يُطِيقَانِ الصَّوْمَ فَالصَّوْمُ لَا يَلْزَمُهُمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا} [البقرة: ٢٨٦] وَإِذَا لَمْ يَلْزَمْهُمَا الصَّوْمُ فَالْكَفَّارَةُ لَا تَلْزَمُهُمَا، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يُلْزِمْهُمَا إيَّاهَا وَلَا رَسُولُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْأَمْوَالُ مُحَرَّمَةٌ إلَّا بِنَصٍّ أَوْ إجْمَاعٍ؟ وَالْعَجَبُ كُلُّهُ مِنْ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ، وَمَالِكًا، وَالشَّافِعِيَّ يُسْقِطُونَ الْكَفَّارَةَ عَمَّنْ أَفْطَرَ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ عَمْدًا وَقَصَدَ إبْطَالَ صَوْمِهِ عَاصِيًا، لِلَّهِ تَعَالَى بِفِعْلِ قَوْمِ لُوطٍ، وَبِالْأَكْلِ، وَشُرْبِ الْخَمْرِ عَمْدًا وَبِتَعَمُّدِ الْقَيْءِ. نَعَمْ، وَبَعْضُهُمْ يُسْقِطُ الْقَضَاءَ وَالْكَفَّارَةَ عَنْهُ فِيمَنْ أَخْرَجَ مِنْ بَيْنِ أَسْنَانِهِ شَيْئًا مِنْ طَعَامِهِ فَتَعَمَّدَ أَكْلَهُ ذَاكِرًا لِصَوْمِهِ، ثُمَّ يُوجِبُونَ الْكَفَّارَةَ عَلَى مَنْ أَفْطَرَ مِمَّنْ أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِالْإِفْطَارِ وَأَبَاحَهُ لَهُ مِنْ مُرْضِعٍ خَائِفَةٍ عَلَى رَضِيعِهَا التَّلَفَ، وَشَيْخٍ كَبِيرٍ لَا يُطِيقُ الصَّوْمَ ضَعْفًا، وَحَامِلٍ تَخَافُ عَلَى مَا فِي بَطْنِهَا؛ وَحَسْبُكَ بِهَذَا تَخْلِيطًا؛ وَلَا يَحِلُّ قَبُولُ مِثْلِ هَذَا إلَّا مِنْ الَّذِي {لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ} [الأنبياء: ٢٣] وَهُوَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

[مَسْأَلَةٌ وَطِئَ الصَّائِم مِرَارًا فِي الْيَوْمِ عَامِدًا]

٧٧١ - مَسْأَلَةٌ: وَمَنْ وَطِئَ مِرَارًا فِي الْيَوْمِ عَامِدًا فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَطْ، وَمَنْ وَطِئَ فِي يَوْمَيْنِ عَامِدًا فَصَاعِدًا فَعَلَيْهِ لِكُلِّ يَوْمٍ كَفَّارَةٌ، سَوَاءٌ كَفَّرَ قَبْلَ أَنْ يَطَأَ الثَّانِيَةَ أَوْ لَمْ يُكَفِّرْ: قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: عَلَيْهِ لِكُلِّ ذَلِكَ - وَلَوْ أَنَّهُ أَفْطَرَ فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ عَامِدًا - كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَطْ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ كَفَّرَ ثُمَّ أَفْطَرَ نَهَارًا آخَرَ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ أُخْرَى. وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ: أَنَّهُ سَوَاءٌ كَفَّرَ أَوْ لَمْ يُكَفِّرْ لَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ إذَا كَانَتْ الْأَيَّامُ مِنْ شَهْرٍ وَاحِدٍ؛ فَإِنْ كَانَ الْيَوْمَانِ اللَّذَانِ أَفْطَرَ فِيهِمَا مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ اثْنَيْنِ، فَلِكُلِّ يَوْمٍ مِنْهُمَا كَفَّارَةٌ غَيْرُ كَفَّارَةِ الْيَوْمِ الْآخَرِ. فَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُ فِيمَنْ تَعَمَّدَ الْفِطْرَ أَيَّامَ رَمَضَانَ كُلَّهَا أَوْ بَعْضَهَا أَوْ يَوْمًا وَاحِدًا مِنْهَا فِي أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَطْ، إذَا لَمْ يُكَفِّرْ فِي خِلَالِ ذَلِكَ، وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُ فِيمَنْ أَفْطَرَ يَوْمَيْنِ مِنْ رَمَضَانَيْنِ أَنَّ عَلَيْهِ كَفَّارَتَيْنِ كَفَّرَ بَيْنَهُمَا أَوْ لَمْ يُكَفِّرْ.

وَاخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِيمَنْ أَفْطَرَ يَوْمَيْنِ فَصَاعِدًا مِنْ رَمَضَانَ وَاحِدٍ وَكَفَّرَ فِي خِلَالِ ذَلِكَ؛ فَمَرَّةٌ قَالَ: عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ أُخْرَى، وَمَرَّةٌ قَالَ: لَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا الْكَفَّارَةُ الَّتِي كَفَّرَ بَعْدُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>