وَالشَّافِعِيِّ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ، وَأَصْحَابِهِمْ. وَالْقَوْلُ الْآخَرُ - هُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَلَا نَعْلَمُ لَهُ سَلَفًا فِي هَذَا أَصْلًا؛ وَلَا جَاءَ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَلَا التَّابِعِينَ التَّفْرِيقُ بَيْنَ ذَبَائِحِ أَهْلِ الْكِتَابِ وَبَيْنَ صَيْدِهِمْ. وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: قُلْت لِعَطَاءٍ: أَيُرْسِلُ الْمَجُوسِيُّ بَازِيَ؟ قَالَ: نَعَمْ، إذَا أَرْسَلَ الْمَجُوسِيُّ كَلْبَك فَقَتَلَ فَكُلْ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي ثَوْرٍ، وَغَيْرِهِ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: قَدْ عَلِمْنَا أَنَّ النَّصْرَانِيَّ إذَا سَمَّى اللَّهَ تَعَالَى فَإِنَّمَا يَعْنِي بِهِ الْمَسِيحَ، فَسَوَاءٌ أَعْلَنَ بِاسْمِ الْمَسِيحِ أَوْ لَمْ يُعْلِنْ - وَهَذَا بَاطِلٌ، لِأَنَّنَا إنَّمَا نَتْبَعُ مَا أَمَرَنَا اللَّهُ تَعَالَى بِهِ، وَلَا نَعْتَرِضُ عَلَيْهِ بِآرَائِنَا. وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} [الأنعام: ١٢١] فَحَسْبُنَا إذَا سَمَّى اللَّهَ تَعَالَى فَقَدْ أَتَى بِالصِّفَةِ الَّتِي أَبَاحَ اللَّهُ تَعَالَى لَنَا بِهَا أَكْلَ مَا ذَكَّى وَلَا نُبَالِي مَا عَنَى، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَأْمُرْنَا بِمُرَاعَاةِ نِيَّتِهِ الْخَبِيثَةِ {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [مريم: ٦٤] وَإِذَا لَمْ يَذْكُرْ اللَّهَ تَعَالَى، أَوْ ذَكَرَ غَيْرَ اللَّهِ تَعَالَى، فَقَدْ أَتَى بِالصِّفَةِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْنَا الْأَكْلَ مَعَ وُجُودِهَا، لِأَنَّهُ أَهَلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ، وَلَا نُبَالِي بِنِيَّتِهِ الْخَبِيثَةِ، إذْ لَمْ يَأْمُرْ اللَّهُ تَعَالَى بِذَلِكَ إلَّا كُلَّ أَحَدٍ فِي نَفْسِهِ خَاصَّةً.
[مَسْأَلَةٌ وَقْتُ تَسْمِيَةِ الذَّابِحِ]
١٠٧٠ - مَسْأَلَةٌ: وَوَقْتُ تَسْمِيَةِ الذَّابِحِ اللَّهَ تَعَالَى فِي الذَّكَاةِ هِيَ مَعَ أَوَّلِ وَضْعِ مَا يَذْبَحُ بِهِ أَوْ يَنْحَرُ فِي الْجِلْدِ قَبْلَ الْقَطْعِ وَلَا بُدَّ. وَوَقْتُهَا فِي الصَّيْدِ مَعَ أَوَّلِ إرْسَالِ الرَّمْيَةِ أَوْ مَعَ أَوَّلِ الضَّرْبَةِ، أَوْ مَعَ أَوَّلِ إرْسَالِ الْجَارِحِ لَا تُجْزِي قَبْلَ ذَلِكَ وَلَا بَعْدَهُ، لِأَنَّ هَذِهِ مَبَادِئُ الذَّكَاةِ فَإِذَا شَرَعَ فِيهَا قَبْلَ التَّسْمِيَةِ فَقَدْ مَضَى مِنْهَا شَيْءٌ قَبْلَ التَّسْمِيَةِ فَلَمْ يُذَكِّ كَمَا أُمِرَ، وَإِذَا كَانَ بَيْنَ التَّسْمِيَةِ وَبَيْنَ الشُّرُوعِ فِي التَّذْكِيَةِ مُهْلَةٌ فَلَمْ تَكُنْ الذَّكَاةُ مَعَ التَّسْمِيَةِ كَمَا أُمِرَ، فَلَمْ يُذَكِّ كَمَا أُمِرَ. وَلَا فَرْقَ بَيْنَ قَلِيلِ الْمُهْلَةِ وَبَيْنَ كَثِيرِهَا، وَلَوْ جَازَ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِطَرْفَةِ عَيْنٍ جَازَ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِطَرْفَتَيْنِ وَثَلَاثٍ إلَى أَنْ يَبْلُغَ الْأَمْرُ إلَى الْعَامِّ وَأَكْثَرَ. رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ نا الْوَلِيدُ بْنُ شُجَاعٍ السَّكُونِيُّ أَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ: قَالَ [لِي] ، رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute